Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-23)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف الناس في معنى " تفقده الطير " ، فقالت فرقة ذلك بحسب ما تقتضيه العناية بأمور الملك والتهمم بكل جزء منها . قال القاضي أبو محمد : وظاهر الآية أنه تفقد جميع الطير ، وقالت فرقة : بل " تفقد الطير " لأن الشمس دخلت من موضع { الهدهد } حين غاب ، فكان ذلك سبب تفقد الطير ليبين من أين دخلت الشمس ، وقال عبد الله بن سلام إنما طلب { الهدهد } لأنه احتاج إلى معرفة الماء على كَم هو من وجه الأرض ، لأنه كان نزل في مفازة عدم فيها الماء ، وأن { الهدهد } كان يرى باطن الأرض وظاهرها كانت تشف له وكان يخبر سليمان بموضع الماء ، ثم كانت الجن تخرجه في ساعة يسيرة تسلخ عنه وجه الأرض كما تسلخ شاة قاله ابن عباس فيما روي عن أبي سلام وغيره ، وقال في كتاب النقاش كان { الهدهد } مهندساً ، وروي أن نافع بن الأزرق سمع ابن عباس يقول هذا فقال له : قف يا وقاف كيف يرى { الهدهد } باطن الأرض وهو لا يرى الفخ حين يقع فيه . فقال له ابن عباس رضي الله عنه : إذا جاء القدر عمي البصر . وقال وهب بن منبه : كانت الطير تنتاب سليمان كل يوم من كل نوع واحد نوبة معهودة ففقد { الهدهد } ، وقوله { ما لي لا أرى } إنما مقصد الكلام { الهدهد } غاب لكنه أخذ اللازم عن مغيبه وهو أن لا يراه فاستفهم على جهة التوقيف عن اللازم ، وهذا ضرب من الإيجاز ، والاستفهام الذي في قوله { ما لي } ، ناب مناب الألف التي تحتاجها أم ، ثم توعده عليه السلام بالعذاب ، وروي عن ابن عباس ومجاهد وابن جريج أن تعذيبه للطير كان بأن تنتف ، قال ابن جريج : ريشه أجمع ، وقال يزيد ابن رومان : جناحاه ، وروي ابن وهب أنه بأن تنتف أجمع وتبقى بضعة تنزو ، و " السلطان " الحجة حيث وقع في القرآن ، قاله عكرمة عن ابن عباس ، وقرأ ابن كثير وحده " ليأتينني " بنونين ، وفعل سليمان هذا بالهدهد إغلاظاً عن العاصين وعقاباً على إخلاله بنوبته ورتبته ، وقرأ جمهور القراء ، " فمكُث " بضم الكاف ، وقرأ عاصم وحده " فمكَث " بفتحها ، ومعناه في القراءتين أقام ، والفتح في الكاف أحسن لأنها لغة القرآن في قوله { ماكثين } [ الكهف : 3 ] إذ هو من مكَث بفتح الكاف ، ولو كان من مكُث بضم الكاف لكان جمع مكيث ، والضمير في " مكث " يحتمل أن يكون لسليمان أو لـ { الهدهد } ، وفي قراءة ابن مسعود " فتمكث ثم جاء فقال " وفي قراءة أبي بن كعب " فتمكث " ثم قال { أحطت } وقوله { غير بعيد } كما في مصاحف الجمهور يريد به في الزمن والمدة ، وقوله { أحطت } أي علمت علماً تاماً ليس في علمك ، واختلف القراء في { سبأ } ، فقرأ جمهور القراء " سبأ " بالصرف . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " سبأ " بفتح الهمزة وترك الصرف ، وقرأ الأعمش " من سبإ " بالكسر وترك الصرف وروى ابن حبيب عن اليزيدي " سبا " بألف ساكنة ، وقرأ قنبل عن النبال بسكون الهمزة ، فالأولى على أنه اسم رجل وعليه قول الشاعر : [ البسيط ] @ الواردون وتيم في ذرى سبإ قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس @@ وقال الآخر : " من سبأ الحاضرين مآرب " ، وهذا على أنها قبيلة والثانية على أنها بلدة ، قاله الحسن وقتادة ، وكلا القولين قد قيل ، ولكن روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث فروة بن مسيك وغيره أنه اسم رجل ولد عشرة من الولد تيامن منهم ستة ، وتشاءم أربعة ، وخفي هذا الحديث على الزجاج فخبط عشوى ، والثالثة على البناء والرابعة والخامسة لتوالي الحركات السبع فسكن تخفيفاً للتثقيل في توالي الحركات ، وهذه القراءة لا تبنى على الأولى بل هي إما على الثانية أو الثالثة ، وقرأت فرقة " بنبأ " وقرأت فرقة دون تنوين على الإضافة ، وقرأت فرقة " بنبا " بالألف مقصورة وقوله { وأوتيت من كل شيء } مبالغة أي مما تحتاج المملكة قال الحسن : من كل أمر الدنيا ، ووصف عرشها بالعظم في الهيئة ورتبة السلطان ، وروي عن نافع الوقف على { عرش } فـ { عظيم } على هذا يتعلق بما بعده ، وهذه المرأة هي بلقيس بنت شراحيل فيما قال بعضهم ، وقيل بنت الفشرح ، وقيل كانت أمها جنية ، وأكثر بعض الناس في قصصها بما رأيت اختصاره لعدم صحته وإنما اللازم من الآية أنها امرأة ملكة على مدائن اليمن ذات ملك عظيم وكانت كافرة من قوم كفار .