Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 12-15)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وحرمنا } يقتضي أن الله تعالى خصه من الامتناع من ثدي النساء بما يشد به عن عرف الأطفال وهو تحريم تنقيص ، و { المراضع } جمع مرضع واستعمل دون هاء التأنيث لأنه لا يلتبس بالرجال . وقوله تعالى : { من قبل } معناه من أول أمره ، و { قبل } مبني ، والضمير في { قالت } لأخت موسى قال النقاش اسمها مريم ، و { يكفلونه } ، معناه يحسنون تربيته وإرضاعه ، وعلم القوم أن مكلمتهم من بني إسرائيل وكان ذلك عرف بني إسرائيل أن يكونوا مراضع وخدمة ، وقوله { وهم له ناصحون } يحتمل أن الضمير يعود على الطفل ويحتمل أن يعود على الملك الذي كان الطفل في ظاهر أمره من جملته ، وقال ابن جريج : إن القوم تأولوا أنها أعادت الضمير على الطفل فقالوا لها إنك قد عرفته فأخبرينا من هو فقالت : ما أردت إلا أنهم ناصحون للملك : فتخلصت منهم بهذا التأويل . قال الفقيه الإمام القاضي : ويحتمل أن يعود الضمير على الطفل ولكن يكون النصح له بسبب الملك وحرصاً على التزلف إليه والتقرب منه ، وفي الكلام هنا حذف يقتضيه الظاهر وهو أنها حملتهم إلى أم موسى وكلموها في ذلك فدرت عليه وقبلها وحظيت بذلك وأحسن إليها وإلى أهل بيتها ، و " قرت عينها " أي سرت بذلك ، وروي أن فرعون قال لها : ما سبب قبول هذا الطفل ؟ فقالت إني طيبة الرائحة طيبة اللبن ودمع الفرح بارد ودموع الهم حرّى سخنة فمن هذا المعنى قيل قرت العين وسخنت ، وقرأ يعقوب " نُقِر " بنون مضمومة وكسر القاف ، و { وعد الله } المشار إليه وهو الذي أوحاه إليها أولاً إما بملك وإما بمنامة وإما بإلهام حسب اختلاف المفسرين في ذلك ، والقول بالإلهام يضعف أن يقال فيه { وعد } ، وقوله تعالى : { أكثرهم } يريد القبط ، و " الأشد " ، جمع شدة كنعمة وأنعم ، هذا قول سيبويه وقال غيره : " الأشد " جمع شد وقالت فرقة " الأشد " اسم مفرد وليس بجمع ، واختلف في قدر الأشد من السنين ، فقالت فرقة : بلوغ الحلم وهي نحو خمسة عشر عاماً ، وقالت فرقة : ثمانية عشر عاماً ، وقال السدي : عشرون ، وقالت فرقة : خمسة وعشرون ، وقالت فرقة : ثلاثون ، وقال مجاهد وابن عباس : ثلاثة وثلاثون ، وقالت فرقة عظيمة : ستة وثلاثون ، وقال مجاهد وقتادة " الاستواء " أربعون سنة ، وقال مكي وقيل هو ستون سنة وهذا ضعيف ، و " الأشد " شدة البدن واستحكام أسره وقوته ، و { استوى } معناه تكامل عقله وحزمه ، وذلك عند الجمهور مع الأربعين ، و " الحكم " الحكمة ، و " العلم " ، والمعرفة بشرع إبراهيم عليه السلام وهي مقدمة نبوته عليه السلام ، واختلف المتأولون في قوله تعالى { ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها } فقال السدي : كان موسى في وقت هذه القصة على رسم التعلق بفرعون وكان يركب مراكبه حتى أنه كان يدعى موسى بن فرعون ، فقالوا فركب فرعون يوماً وسار إلى مدينة من مدائن مصر يقال لها منف ثم علم موسى بركوب فرعون فركب بعده ولحق بتلك المدينة في وقت القائلة وهو حين الغفلة ، قاله ابن عبس وقال أيضاً هو ما بين العشاء والعتمة ، وقال ابن إسحاق بل { المدينة } مصر نفسها ، وكان موسى في هذا الوقت قد بدت منه مجاهرة لفرعون وقومه بما يكرهون فكان مختفياً بنفسه متخوفاً منهم فدخل متنكراً حذراً مغتفلاً للناس ، وقال ابن زيد : بل كان فرعون قد نابذه وأخرجه من المدينة وغاب عنها سنين فنسي أمره وجاء هو والناس على غفلة بنسيانهم لأمره وبعد عهدهم به ، وقيل كان يوم عيد ، وقوله تعالى : { يقتتلان } في موضع الحال أي مقتتلين ، و { شيعته } بنو إسرائيل ، و { عدوه } القبط ، وذكر الأخفش سعيد " استعانه " بالعين غير معجمة وبالنون وهي تصحيف لا قراءة ، وذكر الثعلبي أن الذي { من شيعته } هو السامري وأن الآخر طباخ فرعون ، وقوله { هذا } { وهذا } حكاية حال قد كانت حاضرة ولذلك عبر بـ { هذا } عن غائب ماض ، " والوكز " الضرب باليد مجموعاً كعقد ثلاثة وسبعين ، وقرأ ابن مسعود " فلكزه " والمعنى واحد ، إلا أن اللكز في اللحا ، والوكز على القلب ، وحكى الثعلبي أن في مصحف ابن مسعود " فنكزه " بالنون والمعنى واحد ، " وقضى عليه " ، معناه قتله مجهزاً ، وكان موسى عليه السلام لم يرد قتل القبطي لكن وافقت وكزته الأجل وكان عنها موته فندم ورأى أن ذلك من نزغ الشيطان في يده ، وأن الغضب الذي اقترنت به تلك الوكزة كان من الشيطان ومن همزه ، ونص هو عليه السلام على ذلك وبهذا الوجه جعله من عمله وكان فضل قوة موسى ربما أفرط في وقت غضبه بأكثر مما يقصد .