Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 41-46)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ آية } معناه علامة ودليل ، ورفعها بالابتداء وخبره في قوله { لهم } ، و { أنا } بدل من { آية } وفيه نظر ، ويجوز أن تكون " أن " مفسرة لا موضع لها من الإعراب ، والحمل منع الشيء أن يذهب سفلاً ، وذكر الذرية لضعفهم عن السفر فالنعمة فيهم أمكن ، وقرأ نافع وابن عامر والأعمش " ذرياتهم " بالجمع ، وقرأ الباقون " ذريتهم " بالإفراد ، وهي قراءة طليحة وعيسى ، والضمير المتصل بالذريات هو ضمير الجنس ، كأنه قال ذريات جنسهم أو نوعهم هذا أصح ما اتجه في هذا ، وخلط بعض الناس في هذا حتى قالوا الذرية تقع على الآباء وهذا لا يعرف لغة ، وأما معنى الآية فيحتمل تأويلين : أحدهما قاله ابن عباس وجماعة ، وهو أن يريد بـ " الذريات المحمولين " أصحاب نوح في السفينة ، ويريد بقوله { من مثله } السفن الموجودة في جنس بني آدم إلى يوم القيامة ، وإياها أراد الله تعالى بقوله { وإن نشأ نغرقهم } ، والتأويل الثاني قاله مجاهد والسدي وروي عن ابن عباس أيضاً هو أن يريد بقوله { أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون } السفن الموجودة في بني آدم إلى يوم القيامة ويريد بقوله { وخلقنا لهم من مثله ما يركبون } الإبل وسائر ما يركب فتكون المماثلة في أنه مركوب مبلغ إلى الأقطار فقط ، ويعود قوله { وإن نشأ نغرقهم } على السفن الموجودة في الناس ، وأما من خلط القولين فجعل الذرية في الفلك في قوم نوح في سفينة وجعل { من مثله } في الإبل فإن هذا نظر فاسد يقطع به قوله تعالى : { وإن نشأ نغرقهم } فتأمله ، و { الفلك } جمع على وزنه هو الإفراد معناه الموفر ، و { من } في قوله { من مثله } ، يتجه على أحد التأويلين : أن تكون للتبعيض ، وعلى التأويل الآخر أن تكون لبيان الجنس فانظره ، ويقال الإبل مراكب البر ، و " الصريخ " هنا بناء الفاعل بمعنى المصرخ ، وذلك أنك تقول صارخ بمعنى مستغيث ، ومصرخ بمعنى مغيث ، ويجيء { صريخ } مرة بمعنى هذا ومرة بمعنى هذا لأن فعيلاً من أبنية اسم الفاعل ، فمرة يجيء من أصرخ ومرة يجيء من صرخ إذا استغاث ، وقوله { إلا رحمة } قال الكسائي نصب { رحمةً } على الاستثناء كأنه قال إلا أن يرحمهم رحمة ، وقال الزجاج : نصب { رحمة } على المفعول من أجله كأنه قال : إلا لأجل رحمتنا إياهم ، و { متاعاً } عطف على { رحمة } ، وقوله { إلى حين } ، يريد إلى آجالهم المضروبة لهم . قال القاضي أبو محمد : والكلام تام في قوله { وإن نشأ نغرقهم } { فلا صريخ لهم } استئناف إخبار عن السائرين في البحر ناجين كانوا أو مغرقين فهم بهذه لا نجاة لهم إلا برحمة الله وليس قوله { فلا صريخ لهم } مربوطاً بالمغرقين ، وقد يصح ربطه به والأول أحسن فتأمله ، ثم ابتدأ الإخبار عن عتو قريش بقوله { وإذا قيل لهم } الآية ، وما بين أيديهم قال مقاتل وقتادة ، هو عذاب الأمم الذي قد سبقهم في الزمن وما خلفهم هو عذاب الآخرة الذي يأتي من بعدهم في الزمن وهذا هو النظر ، وقال الحسن : خوفوا بما مضى من ذنوبهم وبما يأتي منها . قال القاضي أبو محمد : فجعل الترتيب كأنهم يسيرون من شيء إلى شيء ، ولم يعتبر وجود الأشياء في الزمن ، وهذا النظر يكسره عليه قوله تعالى : { مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل } [ المائدة : 46 ] ، وإنما المطرد أن يقاس ما بين اليد والخلف بما يسوقه الزمن فتأمله ، وجواب { إذا } في هذه الآية محذوف تقديره أعرضوا يفسره قوله بعد ذلك { إلا كانوا عنها معرضين } ، و " الآيات " العلامات والدلائل .