Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الحسن وأبي بن كعب وابن أبي إسحاق : " صادِ " بكسر الدال على أنه أمر من صادى يصادي إذا ضاهى وماثل ، أي صار كالصدى الذي يحكي الصياح ، والمعنى : ماثل القرآن بعلمك وقارنه بطاعتك ، وهكذا فسر الحسن ، أي انظر أين عملك منه ، وقال جمهور الناس : إنه حرف المعجم المعروف ، ويدخله ما يدخل سائر أوائل السور من الأقوال ، ويختص هذا الموضع بأن قال بعض الناس : معناه صدق محمد ، وقال الضحاك معناه : صدق الله ، وقال محمد بن كعب القرظي : هو مفتاح أسماء الله : صمد صادق الوعد ، صانع المصنوعات ، وقرأها الجمهور : " صادْ " بسكون الدال ، وقرأ ابن أبي إسحاق بخلاف عنه " صادٍ " بكسر الدال وتنوينها على القسم ، كما تقول : الله لأفعلن . وحكى الطبري وغيره عن ابن أبي إسحاق : " صادِ " بدون تنوين ، وألحقه بقول العرب : خاث باث ، وخار وباز . وقرأت فرقة منها عيسى بن عمر : " صادَ " بفتح الدال ، وكذلك يفعل في نطقه بكل الحروف ، يقول : قافَ ، ونونَ ، ويجعلها كأين وليت : قال الثعلبي ، وقيل معناه : صاد محمد القلوب ، بأن استمالها للإيمان . وقوله : { والقرآن ذي الذكر } قسم . وقال السدي وابن عباس وسعيد بن جبير ، معناه ذي الشرف الباقي المخلد . وقال قتادة والضحاك : ذي التذكرة للناس والهداية لهم . وقالت فرقة معناه : ذي الذكر لأمم والقصص والغيوب . وأما جواب القسم فاختلف فيه ، فقالت فرقة : الجواب في قوله : { ص } إذ هو بمعنى صدق محمد ، أو صدق الله . وقال الكوفيون والزجاج ، الجواب قوله : { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } [ ص : 64 ] . وقال بعض البصريين ومنهم الأخفش ، الجواب في قوله : { إن كل إلا كذب الرسل } [ ص : 14 ] . قال القاضي أبو محمد : وهذان القولان بعيدان . وقال قتادة والطبري : الجواب مقدر قبل بل ، وهذا هو الصحيح ، تقديره : والقرآن ما الأمر كما يزعمون ، ونحو هذا من التقدير فتدبره . وحكى الزجاج عن قوم أن الجواب قوله : { كم أهلكنا } وهذا متكلف جداً . والعزة هنا : المعازة والمغالبة . والشقاق : نحوه أي هم في شق ، والحق في شق . و : { كم } للتكثير ، وهي خبر فيه مثال ووعيد ، وهي في موضع نصب بـ { أهلكنا } . والقرن الأمة من الناس يجمعها زمن احد ، وقد تقدم تحريره مراراً . وقوله : { فنادوا } معناه : مستغيثين ، والمعنى أنهم فعلوا ذلك بعد المعاينة فلم ينفع ذلك ، ولم يكن في وقت نفع . { ولات } بمعنى : ليس ، واسمها مقدر عند سيبويه ، تقديره ولات الحين حين مناص ، وهي : لا ( لحقتها : تاء ، كما تقول ) ربت وثمت . قال الزجاج : وهي كتاء جلست وقامت ، تاء الحروف كتاء الأفعال دخلت على ما لا يعرب في الوجهين ، ولا تستعمل " لا " مع التاء إلا في الحين والزمان والوقت ونحوه ، فمن ذلك قول الشاعر [ محمد بن عيسى بن طلحة ] : [ الكامل ] @ لات ساعة مندم @@ وقال الآخر : [ الوافر ] @ تذكر حب ليلى لات حينا وأضحى الشيب قد قطع القرينا @@ وأنشد بعضهم في هذا المعنى : [ الخفيف ] @ طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء @@ وأنشد الزجاج بكسر التاء ، وهذا كثير ، قراءة الجمهور : فتح التاء من : " لاتَ " والنون من : " حينَ " وروي عن عيسى كسر التاء من : " لاتِ " ونصب النون . وروي عنه أيضاً : " حينِ " بكسر النون ، واختلفوا في الوقف على : { لات } فذكر الزجاج أن الوقف بالتاء ، ووقف الكسائي بالهاء ، ووقف قوم واختاره أبو عبيد على " لا " ، وجعلوا التاء موصولة بـ { حين } ، فقالوا " لا تحين " ، وذكر أبو عبيد أنها كذلك في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ويحتج لهذا بقول أبي وجزة : [ الكامل ] @ العاطفون تحين ما من عاطف والمطعمون زمان ما من مطعم @@ يمدح آل الزبير . وقرأ بعض الناس : " لات حينُ " برفع النون من : { حين } على إضمار الخبر . والمناص : المفر ، ناص ينوص ، إذا فات وفر ، قال ابن عباس : المعنى ليس بحين نزو ولا فرار ضبط القوم . والضمير في : { عجبوا } لكفار قريش ، واستغربوا أن نبىء بشر منهم فأنذرهم ، وأن وحد إلهاً ، وقالوا : كيف يكون إله واحد يرزق الجميع وينظر في كل أمرهم ؟ و : { عجاب } بناء مبالغة ، كما قالوا سريع وسراع ، وهذا كثير . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعيسى بن عمر : " عجّاب " بشد الجيم ، ونحوه قول الرجز : [ الراجز ] @ جاؤوا بصيد عجب من العجب أزيد والعينين طوال الذنب @@ وقد قالوا : رجل كرام ، أي كريم .