Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 152-153)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر الله تعالى أن المفرقين بين الرسل هم الكافرون حقاً ، عقب ذلك بذكر المؤمنين بالله ورسله جميعاً . وهم المؤمنون بمحمد عليه السلام ليصرح بوعد هؤلاء كما صرح بوعيد أولئك ، فبين الفرق بين المنزلتين ، وقرأ بعض السبعة " سوف يؤتيهم " بالياء أي يؤتيهم الله ، وقرأ الأكثر " سوف نؤتيهم " بالنون منهم ابن كثير ونافع وأبو عمرو ، واختلف المتأولون في كيفية سؤال أهل الكتاب لمحمد عليه السلام أن ينزل عليهم كتاباً من السماء ، فقال السدي : قالت اليهود : يا محمد إن كنت صادقاً فجيء بكتاب من السماء كما جاء موسى بكتاب ، وقال محمد بن كعب القرظي : قد جاء موسى بألواح فيها التوراة فجيء أنت بألواح فيها كتابك ، وقال قتادة : بل سألوه أن يأتي بكتاب خاص لليهود ، يأمرهم فيه بالإيمان بمحمد ، وقال ابن جريج : قالت اليهود : يا محمد لن نتابعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان وإلى فلان أنك رسول الله . قال القاضي أبو محمد - رحمه الله - : فقول ابن جريج يقتضي أن سؤالهم كان على نحو سؤال عبد الله بن أبي أمية المخزومي القرشي ، ثم قال تعالى { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك } على جهة التسلية لمحمد عليه السلام ، وعرض الأسوة ، وفي الكلام متروك يدل عليه المذكور ، تقديره : فلا تبال يا محمد عن سؤالهم وتشططهم فإنها عادتهم ، { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك } , وقرأ جمهور الناس " أكبر " بالباء المنقوطة بواحدة ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن " أكثر " بالثاء المثلثة ، وجمهور المتأولين على أن { جهرة } معمول لـ { أرنا } ، أي : حتى نراه جهاراً أي عياناً رؤية منكشفة بينة ، وروي عن ابن عباس أنه كان يرى أن { جهرة } معمول لـ { قالوا } ، أي قالوا جهرة منهم وتصريحاً { أرنا الله } . قال القاضي أبو محمد : وأهل السنة معتقدون أن هؤلاء لم يسألوا محالاً عقلاً ، لكنه محال من جهة الشرع ، إذ قد أخبر تعالى على ألسنة أنبيائه أنه لا يرى في هذه الحياة الدنيا ، والرؤية في الآخرة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر المتواتر ، وهي جائزة عقلاً دون تحديد ولا تكييف ولا تحيز ، كما هو تعالى معلوم لا كالمعلومات كذاك هو مرئي لا كالمرئيات ، هذه حجة أهل السنة وقولهم ، ولقد حدثني أبي رضي الله عنه عن أبي عبد الله النحوي أنه كان يقول عند تدريس هذه المسألة : مثال العلم بالله حلق لحا المعتزلة في إنكارهم الرؤية ، والجملة التي قالت { أرنا الله جهرة } هي التي مضت مع موسى لحضور المناجاة ، وقد تقدم قصصها في سورة البقرة ، وقرأ جمهور الناس " فأخذتهم الصاعقة " وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي " الصعقة " والمعنى يتقارب ، إذ ذلك كله عبارة عن الوقع الشديد من الصوت يصيب الإنسان بشدته وهو له خمود وركود حواس ، و { ظلمهم } هو تعنتهم وسؤالهم ما ليس لهم أن يسألوه . وقوله تعالى : قد كان من أمرهم أن اتخذوا العجل ، وذلك أن اتخاذ العجل كان عند أمر المضي للمناجاة ، فلم يكن الذين صعقوا ممن اتخذوا العجل ، لكن الذين اتخذوه كانوا قد جاءتهم البينات في أمر إجازة البحر وأمر العصا وغرق فرعون وغير ذلك ، وقوله تعالى : { فعفونا عن ذلك } يعني بما امتحنهم به من القتل لأنفسهم ، ثم وقع العفو عن الباقين منهم ، و " السلطان " الحجة .