Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-164)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روي عن عبد الله بن عباس : أن سبب هذه الآية أن سكيناً الحبر وعدي بن زيد قالا : يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر شيئاً بعد موسى ، ولا أوحي إليه ، فنزلت هذه الآية تكذيباً لقولهما ، وقال محمد بن كعب القرظي : لما أنزل الله { يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء } [ النساء : 153 ] إلى آخر الآيات ، فتليت عليهم وسمعوا الخبر بأعمالهم الخبيثة قالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء ولا على موسى ولا على عيسى وجحدوا جميع ذلك فأنزل الله { وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء } [ الأنعام : 91 ] والوحي : إلقاء المعنى في خفاء ، وعرفه في الأنبياء بواسطة جبريل عليه السلام ، وذلك هو المراد بقوله { كما أوحينا } أي بملك ينزل من عند الله ، و { نوح } أول الرسل في الأرض إلى أمة كافرة ، وصرف نوح مع العجمة والتعريف لخفته ، و { إبراهيم } عليه السلام هو الخليل ، { وإسماعيل } ابنه الأكبر وهو الذبيح في قول المحققين وهو أبو العرب ، { وإسحاق } ابنه الأصغر { ويعقوب } هو ولد إسحاق هو إسرائيل ، { والأسباط } : بنو يعقوب ، يوسف وإخوته ، { وعيسى } هو المسيح ، { وأيوب } هو المبتلى الصابر ، { ويونس } هو ابن متى ، وروى ابن جماز عن نافع : يونس بكسر النون ، وقرأ ابن وثاب والنخعي - بفتحها ، وهي كلها لغات ، { وهارون } هو ابن عمران ، { وسليمان } هو النبي الملك ، و { داود } : أبوه ، وقرأ جمهور الناس " زَبوراً " بفتح الزاي ، وهو اسم كتاب داود تخصيصاً ، وكل كتاب في اللغة فهو زبور من حيث تقول زبرت الكتاب إذا كتبته ، وقرأ حمزة وحده " زُبوراً " بضم الزاي ، قال أبو علي : يحتمل أن يكون جمع زبر ، أوقع على المزبور اسم الزبر ، كما قالوا ضرب الأمير ، ونسج اليمن ، وكأن سمي المكتوب كتاباً ، ويحتمل أن يكون جمع زبور على حذف الزيادة ، كما قالوا : ظريف وظروف وكروان وكروان وورشان وورشان ، ونحو ذلك مما جمع بحذف الزيادة ، ويقوي هذا الوجه أن التكسير مثل التصغير ، وقد اطرد هذا المعنى في تصغير الترخيم نحو أزهر وزهير ، وحارث وحريث ، وثابت وثبيت ، فالجمع مثله في القياس إن كان أقل منه في الاستعمال . وقوله تعالى : { ورسلاً قد قصصناهم عليك } الآية ، نصب { رسلاً } على المعنى ، لأن المعنى إنا أرسلناك كما أرسلنا نوحاً ، ويحتمل أن ينصب { رسلاً } بفعل مضمر تقديره أرسلنا رسلاً ، لأن الرد على اليهود إنما هو في إنكارهم إرسال الرسل واطراد الوحي ، وفي حرف أبي بن كعب " ورسل " في الموضعين بالرفع على تقديرهم رسل ، و { قصصناهم } معناه ذكرنا اسماءهم وأخبارهم ، وقوله تعالى : { ورسلاً لم نقصصهم عليك } يقتضي كثرة الأنبياء دون تحديد بعدد ، وقد قال تعالى { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } [ فاطر : 24 ] وقال تعالى : { وقروناً بين ذلك كثيراً } [ الفرقان : 38 ] وما يذكر من عدد الأنبياء فغير صحيح ، الله أعلم بعدتهم ، صلى الله عليهم ، وقوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليماً } إخبار بخاصة موسى ، وأن الله تعالى شرفه بكلامه ثم أكد تعالى الفعل بالمصدر ، وذلك منبىء في الأغلب عن تحقيق الفعل ووقوعه ، وأنه خارج عن وجوه المجاز والاستعارة ، لا يجوز أن تقول العرب : امتلأ الحوض وقال : قطني قولاً ، فإنما تؤكد بالمصادر الحقائق ، ومما شذ قول هند بنت النعمان بن بشير : @ وعجت عجيجاً من جذام المطارف @@ وكلام الله للنبي موسى عليه السلام دون تكييف ولا تحديد ولا تجويز حدوث ولا حروف ولا أصوات ، والذي عليه الراسخون في العلم : أن الكلام هو المعنى القائم في النفس ، ويخلق الله لموسى أو جبريل إدراكاً من جهة السمع يتحصل به الكلام ، وكما أن الله تعالى موجود لا كالموجودات ، معلوم لا كالمعلومات فكذلك كلامه لا كالكلام ، وما روي عن كعب الأحبار عن محمد بن كعب القرظي ونحوهما : من أن الذي سمع موسى كان كأشد ما يسمع من الصواعق ، وفي رواية أخرى كالرعد الساكن فذلك كله غير مرضي عند الأصوليين ، وقرأ جمهور الأمة " وكلم اللهُ موسى " بالرفع في اسم الله ، وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي " وكلم الله " بالنصب على أن موسى هو المكلم ، وهي قراءة ضعيفة من جهة الاشتهار ، لكنها مخرجة من عدة تأويلات .