Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 41-42)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدم في الآية قبلها الإعلام بتحقيق الأحكام يوم القيامة ، فحسن بعد ذلك التنبيه على الحالة التي يحضر ذلك فيها ، ويجاء فيها بالشهداء على الأمم ، ومعنى الآية : أن الله يأتي بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب ، ومعنى " الأمة " في هذه الآية : غير المعنى المتعارف في إضافة الأمم إلى الأنبياء ، فإن المتعارف أن تريد بأمة محمد عليه السلام جميع من آمن به وكذلك في كل نبي ، وهي هنا جميع من بعث إليه من آمن منهم ومن كفر ، وكذلك قال المتأولون : إن الإشارة " بهؤلاء " إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار ، وإنما خص كفار قريش بالذكر لأن وطأة الوعيد أشد عليهم منها على غيرهم و { كيف } في موضع نصب مفعول مقدم بفعل تقديره في آخر الآية : ترى حالهم ، أو يكونون ، أو نحوه ، وقال مكي في الهداية : { جئنا } عامل في " كيف " ، وذلك خطأ ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا قرأ هذه الآية فاضت عيناه ، وكذلك ذرفت عيناه عليه السلام حين قرأها عليه عبد الله بن مسعود في الحديث المشهور وما ذكره الطبري من شهادة أمة محمد بتبليغ الرسل ، وما جرى في معنى ذلك من القصص الذي ذكر مكي ، كسؤال اللوح المحفوظ ، ثم إسرافيل ثم جبريل ، ثم الأنبياء ، فليست هذه آيته ، وإنما آيته { لتكونوا شهداء على الناس } [ البقرة : 143 ] و { يومئذ } ظرف ويصح أن يكون نصب " يوم " في هذا الموضع على الظرف ، على أنه معرب مع الأسماء غير المتمكنة ، ويصح أن يكون نصبه على أنه مبني على النصب مع الأسماء غير المتمكنة ، و " الود " إنما هو في ذلك اليوم ، وقرأ نافع وابن عامر " تسّوّى " بتشديد السين والواو ، على إدغام التاء الثانية من تتسوى ، وقرأ حمزة والكسائي " تسَوّى " بتخفيف السين وتشديد الواو ، على حذف التاء الثانية المذكورة ، وهما بمعنى واحد ، واختلف فيه ، فقالت فرقة : تنشق الأرض فيحصلون فيها ، ثم تتسوى هي في نفسها عليهم وبهم ، وقالت فرقة : معناه لو تستوي هي معهم في أن يكونوا تراباً كآبائهم ، فجاء اللفظ على أن الأرض هي المستوية معهم ، والمعنى إنما هو أنهم يستوون مع الأرض ، ففي اللفظ قلب يخرج على نحو اللغة التي حكاها سيبويه ، أدخلت القلنسوة في رأسي وأدخلت فمي في الحجر ، وما جرى مجراه ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " تُسوى " على بناء الفعل للمفعول الذي لم يسم فاعله ، فيكون الله تعالى يفعل ذلك على حسب المعنيين المتقدمين ، قال أبو علي : إمالة الفتحة إلى الكسرة والألف إلى الياء في " تسوى " حسنة ، قالت طائفة : معنى الآية أن الكفار لما يرونه من الهول وشدة المخاوف يودون أن تسوى بهم الأرض فلا ينالهم ذلك الخوف ، ثم استأنف الكلام فأخبر أنهم { لا يكتمون حديثاً } لنطق جوارحهم بذلك كله ، حين يقول بعضهم : { والله ربنا ما كنا مشركين } [ الأنعام : 23 ] فيقول الله : كذبتم ، ثم ينطق جوارحهم فلا تكتم حديثاً ، وهذا قول ابن عباس ، وقال فيه : إن الله إذا جمع الأولين والآخرين ظن بعض الكفار أن الإنكار ينجي ، فقالوا : { والله ربنا ما كنا مشركين } ، فيقول الله : كذبتم ، ثم ينطق جوارحهم فلا تكتم حديثاً ، وهكذا فتح ابن عباس على سائل أشكل عليه الأمر ، وقالت طائفة : مثل القول الأول ، إلا أنها قالت : إنما استأنف الكلام بقوله : { ولا يكتمون الله حديثاً } ليخبر عن أن الكتم لا ينفع ، وإن كتموا ، لأن الله تعالى يعلم جميع أسرارهم وأحاديثهم ، فمعنى ذلك : وليس ذلك المقام الهائل مقاماً ينفع فيه الكتم . قال القاضي أبو محمد : الفرق بين هذين القولين أن الأول يقتضي أن الكتم لا ينفع بوجه ، والآخر يقتضي أن الكتم لا ينفع وقع أو لم يقع ، كما تقول : هذا مجلس لا يقال فيه باطل ، وأنت تريد لا ينتفع به ولا يستمتع إليه ، وقالت طائفة : الكلام كله متصل ، ومعناه : يود الذين كفروا لو تسوى بهم الأرض ، ويودون أن لا يكتموا الله حديثاً ، وودهم لذلك إنما هو ندم على كذبهم حين قالوا : { والله ربنا ما كنا مشركين } ، وقالت طائفة : هي مواطن وفرق ، وقالت طائفة : معنى الآية : يود الذين كفروا أن تسوى بهم الأرض ، وأنهم لم يكتموا الله حديثاً ، وهذا على جهة الندم على الكذب أيضاً ، كما تقول : وودت أن أعزم كذا ، ولا يكون كذا على جهة الفداء ، أي يفدون كتمانهم بأن تسوى بهم الأرض ، و { الرسول } في هذه الآية : للجنس ، شرف بالذكر وهو مفرد دل على الجمع ، وقرأ أبو السمال ويحيى بن يعمر : " وعصِوا الرسول " بكسر الواو من { عصوا } .