Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 68-74)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فإذا قضى أمراً } عبارة عن إنقاذ الإيجاد ، وإخراج المخلوق من العدم وإيجاد الموجودات هو بالقدرة ، واقتران الأمر بذلك : هو عظمة في الملك وتخضيع للمخلوقات وإظهار للقدرة بإيجاده ، والأمر للموجد إنما يكون في حين تلبس القدرة بإيجاده لا قبل ذلك ، لأنه حينئذ لا يخاطب في معنى الوجود والكون ولا بعد ذلك ، لأن ما هو كائن لا يقال له { كن } . وقوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } ظاهر الآية أنها في الكفار المجادلين في رسالة محمد والكتاب الذي جاء به بدليل قوله : { الذين كذبوا بالكتاب } . وهذا قول ابن زيد والجمهور من المفسرين . وقال محمد بن سيرين وغيره ، قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } هي إشارة إلى أهل الأهواء من الأمة ، وروت هذه الفرقة في نحو هذا حديثاً وقالوا هي في أهل القدر ومن جرى مجراهم ، ويلزم قائلي هذه المقالة أن يجعلوا قوله تعالى : { الذين كذبوا } كلاماً مقطوعاً مستأنفاً في الكفار . { الذين } ابتداء وخبره : { فسوف يعلمون } ، ويحتمل أن يكون خبر الابتداء محذوفاً والفاء متعلقة به . وقوله تعالى : { إذ الأغلال } يعني يوم القيامة ، والعامل في الظرف { يعلمون } وعبر عن ظرف الاستقبال بظرف لا يقال إلا في الماضي ، وذلك لما تيقن وقوع الأمر حسن تأكيده بالإخراج في صيغة المضي ، وهذا كثير في القرآن كما قال تعالى : { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم } [ المائدة : 116 ] قال الحسن بن أبي الحسن : لم تجعل السلاسل في أعناق أهل النار ، لأنهم أعجزوا الرب ، لكن لترسبهم إذا أطفاهم اللهب . وقرأ جمهور الناس : " والسلاسلُ " عطفاً على { الأغلال } . وقرأ ابن عباس وابن مسعود : " والسلاسلَ " بالنصب " يسحَبون " بفتح الحاء وإسناد الفعل إليهم وإيقاع الفعل على " السلاسل " . وقرأت فرقة " والسلاسلِ " بالخفض على تقدير إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل . فعطف على المراد من الكلام لا على ترتيب اللفظ ، إذ ترتيبه فيه قلب ، وهو على حد قول العرب : أدخلت القلنسوة في رأسي . وفي مصحف أبي بن كعب : " وفي السلاسل يسحبون " . و : { يسحبون } معناه يجرون ، والسحب الجر . و { الحميم } : الذائب الشديد الحر من النار ، ومنه يقال للماء السخن : حميم . و : { يسجرون } قال مجاهد معناه : توقد النار بهم ، والعرب تقول : سجرت التنور إذا ملأتها . وقال السدي : { يسجرون } يحرقون . ثم أخبر تعالى أنهم يوقفون يوم القيامة على جهة التوبيخ والتقريع ، فيقال لهم أين الأصنام التي كنتم تعبدون من دون الله ؟ فيقولون : { ضلوا عنا } أي تلفوا لنا وغابوا واضمحلوا ، ثم تضطرب أقوالهم ويفزعون إلى الكذب فيقولون : { بل لم نكن ندعو من قبل شيئاً } وهذا من أشد الاختلاط وأبين الفساد في الدهر والنظر فقال الله تعالى لنبيه : { كذلك يضل الله الكافرين } أي كهذه الصفة المذكورة وبهذا الترتيب .