Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 16-18)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روي في الحديث أن الله تعالى أمر خزنة الريح ففتحوا على عاد منها مقدار حلقة الخاتم ، ولو فتحوا مقدار منخر الثور لهلكت الدنيا : وروي أن الريح كانت ترفع العير بأوقارها فتطيرها حتى تطرحها في البحر . وقال جابر بن عبد الله والتيمي : حبس عنهم المطر ثلاثة أعوام ، وإذا أراد الله بقوم شراً حبس عنهم المطر وأرسل عليهم الرياح . واختلف الناس في الصرصر ، فقال قتادة والسدي والضحاك : هو مأخوذ من الصر ، وهو البرد ، والمعنى : ريحاً باردة لها صوت . وقال مجاهد : صرصر : شديدة السموم . وقال الطبري وجماعة من المفسرين : هو من صر يصر إذا صوت صوتاً يشبه الصاد والراء ، وكذلك يجيء صوت الريح في كثير من الأوقات بحسب ما تلقى . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والأعرج وعيسى والنخعي : بسكون الحاء وهو جمع نحس ، يقال يوم نحس ، فهو مصدر يوصف به أحياناً وعلى الصفة به جمع في هذه الآية ، واحتج أبو عمرو لهذه القراءة بقوله : { يوم نحس مستمر } [ القمر : 19 ] . وقال النخعي : { نحسات } وليست بـ " نحِسات " بكسر . وقرأ الباقون وأبو جعفر وشيبة وأبو رجاء وقتادة والجحدري والأعمش : " نحِسات " بكسر الحاء ، وهي جمع لنحس على وزن حذر ، فهو صفة لليوم مأخوذ من النحس . وقال الطبري : نحس ونحس لغتان ، وليس كذلك ، بل اللغة الواحدة تجمعهما ، أحدهما مصدر ، والآخر من أمثلة اسم الفاعل ، وأنشد الفراء : [ البسيط ] @ أبلغ جذاماً ولخماً أن إخوتهم طيا وبهراء قوم نصرهم نحس @@ وقالت فرقة : إن " نحْسات " بالسكون مخفف من " نحِسات " بالكسر ، والمعنى في هذه اللفظة مشاييم من النحس المعروف ، قاله مجاهد وقتادة والسدي : وقال الضحاك معناه : شديدة ، أي شديدة البرد حتى كان البرد عذاباً لهم . قال أبو علي : وأنشد الأصمعي في النحس بمعنى البرد : @ كأن سلافة عرضت بنحس يحيل شفيفها الماء الزلالا @@ وقال ابن عباس : { نحسات } معناه : متتابعات ، وكانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء وعذاب الخزي في الدنيا هو العذاب بسبب الكفر ومخالفة أمر الله ، ولا خزي أعظم من هذا إلا ما في الآخرة من الخلود في النار . وقرأ جمهور الناس : " ثمودُ " بغير حرف ، وهذا على إرادة القبيلة . وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وبكر بن حبيب : " ثمودٌ " بالتنوين والإجراء ، وهذا على إرادة الحي ، وبالصرف كان الأعمش يقرأ في جميع القرآن إلافي قوله : { وآتينا ثمود الناقة مبصرة } [ الإسراء : 59 ] لأنه في المصحف بغير ألف . وقرأ ابن أبي إسحاق والأعرج بخلاف ، والأعمش وعاصم " ثمودَ " بالنصب ، وهذا على إضمار فعل يدل عليه قوله : { فهديناهم } ، وتقديره عند سيبويه : مهما يكن من شيء فهدينا ثمود هديناهم ، والرفع عنده أوجه ، وروي عن ابن أبي إسحاق والأعمش : " ثموداً " منونة منصوبة ، وروى الفضل عن عاصم الوجهين . وقوله تعالى : { فهديناهم } معناه : بينّا لهم ، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد ، وليس الهدى هنا بمعنى الإرشاد ، وهذا كما هي الآن شريعة الإسلام مبينة لليهود والنصارى المختلطين لنا ولكنهم يعرضون ويشتغلون بالصد ، فذلك استحباب العمى على الهدى . وقوله تعالى : { فاستحبوا } عبارة عن تكسبهم في العمى ، وإلا فهو بالاختراع لله تعالى ، ويدلك على أنها إشارة إلى تكسبهم قوله تعالى : { بما كانوا يكسبون } . وقوله تعالى : { العذاب الهون } وصف بالمصدر ، والمعنى الذي معه هوان وإذلال ، ثم قرن تعالى بذكرهم ذكر من آمن واتقى ونجاته ليبين الفرق .