Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 1-9)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدم القول في الحروف في أوائل السور . وقوله : { والكتاب } خفض بواو القسم . و : { المبين } يحتمل أن يكون من أبان الذي هو بمعنى بان ، أي ظهر ، فلا يحتاج إلى مفعول ، ويحتمل أن يكون معدى من بان ، فهذا لا بد من مفعول تقديره : المبين الهدى أو الشرع ونحوه . وقوله تعالى : { إنا جعلناه } معناه : سميناه وصيرناه ، وهو إخبار عليه وقع القسم ، والضمير في : { جعلناه } عائد على : { الكتاب } ، و : { عربياً } معناه : بلسانكم لئلا يبقى لكم عذر . وقوله : { لعلكم تعقلون } ترج بحسب معتقد البشر ، أي إذا أبصر المبصر من البشر هذا الفعل منا ترجى منه أن يعقل الكلام ويفهم . وقوله تعالى : { وإنه } عطف على قوله : { إنا جعلناه } وهذا الإخبار الثاني واقع أيضاً تحت القسم . و : { أم الكتاب } اللوح المحفوظ ، وهذا فيه تشريف للقرآن وترفيع . واختلف المتأولون كيف هو في { أم الكتاب } ، فقال عكرمة وقتادة والسدي وعطية بن سعيد : القرآن بأجمعه فيه منسوخ ، ومنه كان جبريل عليه السلام ينزل ، وهنالك هو علي حكيم . وقال جمهور الناس : إنما في اللوح المحفوظ ذكره ودرجته ومكانته من العلو والحكمة . وقرأ جمهور الناس : " في أُم " بضم الهمزة ، وقرأها بكسر الهمزة يوسف والي العراق وعيسى بن عمر . وقوله : { أفنضرب } بمعنى : أفنترك ، تقول العرب أضربت عن كذا وضربت إذا أعرضت وتركته . و : { الذكر } هنا الدعاء إلى الله والتذكير بعذابه والتخويف من عقابه ، وقال أبو صالح : { الذكر } هنا هو العذاب نفسه ، وقال الضحاك ومجاهد : { الذكر } القرآن . وقوله تعالى : { صفحاً } انتصابه كانتصاب { صنع الله } [ النمل : 88 ] ، فيحتمل أن يكون بمعنى العفو والغفر للذنب ، فكأنه يقول : أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفواً عنكم وغفراً لإجرامكم إذ كنتم أو من أجل أن كنتم قوماً مسرفين ، أي هذا لا يصلح ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد ، ويحتمل قوله : { صفحاً } أن يكون بمعنى مغفولاً عنه ، أي نتركه يمر لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبر ولا تنبهون عليه ، وهذا المعنى نظير قول الشاعر : [ الطويل ] @ تمر الصبا صفحاً بساكن ذي الغضا ويصدع قلبي إن يهب هبوبها @@ أي تمر مغفولاً عنها ، فكأن هذا المعنى : أفنترككم سدى ، وهذا هو منحى قتادة وغيره ، ومن اللفظة قول كثير : [ الطويل ] @ صفوحاً فما تلقاك إلا بخيلة فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت @@ وقرأ السميط بن عمرو السدوسي : " صُفحاً " بضم الصاد . وقرأ نافع وحمزة والكسائي : " إن كنتم " بكسر الألف ، وهو جزاء دل ما تقدم على جوابه . وقرأ الباقون والأعرج وقتادة : " أن كنتم " بفتح الألف . بمعنى من أجل أن ، وفي قراءة ابن مسعود : " إذ كنتم " . والإسراف في الآية : هو الكفر والضلال البعيد في عبادة غير الله عز وجل والتشريك به . وقوله تعالى : { وكم أرسلنا من نبي في الأولين } الآيات تسلية لمحمد عليه السلام ، وذكر إسوة له ووعيد لهم وتهديد بأن يصيبهم ما أصاب من هو أشد بطشاً . والأولون : هم الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ، والضمير في قوله : { كانوا يستهزئون } ظاهره العموم والمراد به الخصوص فيمن استهزأ ، وإلا فقد كان في الأولين من لم يستهزئ ، والضمير في : { منهم } عائد على قريش . وقوله تعالى : { ومضى مثل الأولين } أي سلف أمرهم وسنتهم ، وصاروا عبرة عابر الدهر . وقوله تعالى : { ولئن سألتهم } الآية ابتداء احتجاج على قريش يوجب عليهم التناقض في أمرهم ، وذلك أنهم يقرون أن الخالق الموجد لهم وللسماوات والأرض هو الله تعالى ، وهم مع ذلك يعبدون أصناماً ويدعونها آلهتهم ، ومقتضى جواب قريش أن يقولوا " خلقهن الله " فلما ذكر تعالى المعنى جاءت العبارة عن الله بـ { العزيز العليم } ليكون ذلك توطئة لما عدد بعد من أوصافه التي ابتدأ الإخبار بها وقطعها من الكلام الذي حكى معناه عن قريش .