Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 45-59)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما : " المهل " : دردي الزيت وعكره . وقال ابن مسعود وابن عباس أيضاً : " المهل " ما ذاب من ذهب أو فضة أو حديد أو رصاص ونحوه . قال الحسن : كان ابن مسعود على بيت المال لعمر بالكوفة ، فأذاب يوماً فضة مكسرة ، فلما انماعت ، قال : يدخل من بالباب ، فدخلوا ، فقال لهم : هذا أشبه ما رأينا في الدنيا بالمهل . والمعنى أن هذه الشجرة إذا طعمها الكافر في جهنم صارت في جوفه تفعل كما يفعل المهل السخن من الإحراق والإفساد . وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر : " تغلي " بالتاء على معنى : تغلي الشجرة ، وهي قراءة عمرو بن ميمون وأبي رزين والحسن والأعرج وابن محيصن وطلحة . وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية حفص : " يغلي " على معنى : يغلي الطعام ، وهي قراءة مجاهد وقتادة والحسن بخلاف عنه . و : { الحميم } : الماء الساخن الذي يتطاير من غليانه . وقوله تعالى : { خذوه } الآية ، معناه : يقال يومئذ للملائكة عن هذا الأثيم { خذوه فاعتلوه } . والعتل : السَّوق بعنف وإهانة ودفع قوي متصل ، كما يساق أبداً مرتكب الجرائم ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر : بضم التاء ، والباقون بكسرها ، وقد روي الضم عن أبي عمرو ، وكذلك روي الوجهان عن الحسن وقتادة والأعرج . والسواء : الوسط ، وقيل المعظم وذلك متلازم في العظم أبداً من مثل هذا إنما هو في الوسط ، وفي الآية ما يقتضي أن الكافر يصب على رأسه من حميم جهنم ، وهو ما يغلى فيها من ذوب ، وهذا كما في قوله تعالى : { يصب من فوق رؤوسهم الحميم } [ الحج : 19 ] وإلى هذا نظر بعض ولاة المدينة فإنه كان يصب الخمر على رأس الذي شربها أو توجد عنده عقوبة له وأدباً ، ذكر ذلك ابن حبيب في الواضحة . وقوله تعالى : { ذق ، إنك أنت العزيز الكريم } مخاطبة على معنى هذا التقريع ، ويروى عن قتادة أن أبا جهل لما نزلت : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } [ الدخان : 43 - 44 ] قال أيتهددني محمد وأنا ما بين جبليها أعزمني وأكرم ، فنزلت هذه الآيات ، وفي آخرها : { ذق إنك أنت العزيز الكريم } أي على قولك ، وهذا كما قال جرير : @ ألم يكن في وسوم قد وسمت بها من خان موعظة يا زهرة اليمن @@ يقولها للشاعر الذي سمى نفسه به ، وذلك في قوله : @ أبلغ كليباً وأبلغ عنك شاعرها أني الأعز وأني زهرة اليمن @@ فجاء بيت جرير على هذا الهزء . وقرأ الجمهور : " إنك " بكسر الهمزة . وقرأ الكسائي وحده : " أنك " بفتح الألف ، والمعنى واحد في المقصد وإن اختلف المؤخذ إليه ، وبالفتح قرأها على المنبر الحسين بن علي بن أبي طالب أسنده إليه الكسائي وأتبعه فيها . وقوله تعالى : { إن هذا ما كنتم به تمترون } عبارة عن قول يقال للكفرة عند عذابهم ، أي هذه الآخرة وجهنم التي كنتم تشكون فيها . ثم ذكر تعالى حالة المتقين بعقب ذكر حالة الكافر ليبين الفرق . وقرأ نافع وابن عامر : " في مُقام " بضم الميم ، وهي قراءة أبي جعفر وشيبة وقتادة وعبد الله بن عمر بن الخطاب والحسن والأعرج . وقرأ الباقون : " في مَقام " بفتحها ، وهي قراءة أبي رجاء وعيسى ويحيى والأعمش . و : { أمين } يؤمن فيه الغير ، فكأنه فعيل بمعنى مفعول ، أي مأمون فيه . وكسر عاصم العين من " عِيون " . قال أبو حاتم : وذلك مردود عند العلماء ، ومثله شيوخ وبيوت ، بكسر الشين والباء . والسندس : رقيق الحرير . والاستبرق : خشينه . وقرأ ابن محيصن : " واستبرقَ " بالوصل وفتح القاف . وقوله : { متقابلين } وصف لمجالس أهل الجنة ، لأن بعضهم لا يستدبر بعضاً في المجالس ، وقوله : { كذلك وزوجناهم } تقديره : والأمر كذلك . وقرأ الجمهور : " عين " وهو جمع عيناء . وقرأ ابن مسعود : " عيس " ، وهو جمع عيساء ، وهي أيضاً البيضاء ، وكذلك هي من النوق . وقرأ عكرمة : " بحورِ عين " على ترك التنوين في " حور " وأضافها إلى " عين " . قال أبو الفتح : الإضافة هنا تفيد ما تفيد الصفة ، وروى أبو قرصافة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إخراج القمامة من المسجد من مهور الحور العين " . وقوله تعالى : { يدعون فيها بكل فاكهة آمنين } معناه : يدعون الخدمة والمتصرفين . وقوله تعالى : { إلا الموتة الأولى } قدر قوم { إلا } بسوى ، وضعف ذلك الطبري ، وقدرها ببعد ، وليس تضعيفه بصحيح ، بل يصح المعنى بسوى ويتسق ، وأما معنى الآية : فبين أنه نفى عنهم ذوق الموت ، وأنه لا ينالهم من غير ذلك ما تقدم في الدنيا ، والضمير في قوله : { يسرناه } عائد على القرآن . وقوله : { بلسانك } معناه بلغة العرب ولم يرد الجارحة . وقوله : { فارتقب إنهم مرتقبون } معناه : { فارتقب } نصرنا لك ، { إنهم مرتقبون } فيما يظنون الدوائر عليك ، وفي هذه الآية وعد له ، ووعيد لهم ، وفيها متاركة ، وهذا وما جرى منسوخ بآية السيف .