Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-6)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تقدم القول في الحروف المقطعة التي في أوائل السور . و { تنزيل } رفع بالابتداء أو خبر ابتداء مضمر . و : { الكتاب } القرآن . والعزة والإحكام : صفتان مقتضيتان أن من هي له غالب كل من حادّه . وقوله : { ما خلقنا السماوات } الآية موعظة وزجر ، أي فانتبهوا أيها الناس وانظروا ما يراد بكم ولم خلقتم . وقوله تعالى : { إلا بالحق } معناه بالواجب الحسن الذي قد حق أن يكون ، وبـ { أجل مسمى } : وقتناه وجعلناه موعداً لفساد هذه البنية وذلك هو يوم القيامة . وقوله تعالى : { عما أُنذروا } " ما " مصدرية ، والمعنى عن الإنذار ، ويحتمل أن تكون " ما " بمعنى الذي ، والتقدير : عن ذكر الذي أنذروا به والتحفظ منه أو نحو هذا . وقوله تعالى : { قل أرأيتم } يحتمل { أرأيتم } وجهين : أحدهما أن تكون متعدية ، و { ما } مفعولة بها ، ويحتمل أن تكون منبهة لا تتعدى ، وتكون { ما } استفهاماً على معنى التوبيخ . و { تدعون } معناه : تعبدون . قال الفراء : وفي قراءة عبد الله بن مسعود : " قل أرأيتكم من تدعون " . وقوله : { من الأرض } ، { من } ، للتبعيض ، لأن كل ما على وجه الأرض من حيوان ونحوه فهو من الأرض . ثم وقفهم على السماوات هل لهم فيها شرك ، ثم استدعى منهم كتاباً منزلاً قبل القرآن يتضمن عبادة صنم . وقوله : { أو أثارة } معناه : أو بقية قديمة من علم أحد العلماء يقتضي عبادة الأصنام . وقرأ جمهور الناس : " أو أثارة " على المصدر ، كالشجاعة والسماحة ، وهي البقية من الشيء كأنها أثره . وقال الحسن بن أبي الحسن : المعنى من علم تستخرجونه فتثيرونه . وقال مجاهد : المعنى هل من أحد يأثر علماً في ذلك . وقال القرظي : هو الإسناد ، ومن هذا المعنى قول الأعشى : [ السريع ] @ إن الذي فيه تماريتما بَيِّنٌ للسامع والآثِر @@ آثراً أي للسند عن غيره ، ومنه قول عمر رضي الله عنه : فما خلفنا بها ذاكراً ولا آثراً . وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة : المعنى وخاصة من علم ، فاشتقاقها من الأثرة ، كأنها قد آثر الله بها من هي عنده ، وقال عبد الله بن العباس : المراد بـ " الأثارة " : الخط في التراب ، وذلك شيء كانت العرب تفعله وتتكهن به وتزجر ، وهذا من البقية والأثر ، وروي أن النبي عليه السلام سئل عن ذلك فقال : " كان نبي من الأنبياء يخطه ، فمن وافق خطه فذاك " وظاهر الحديث تقوية أمر الخط في التراب ، وأنه شيء له وجه إذا وفق أحد إليه ، وهكذا تأوله كثير من العلماء . وقالت فرقة : بل معناه الإنكار ، أي أنه كان من فعل نبي قد ذهب ، وذهب الوحي إليه والإلهام في ذلك ، ثم قال : فمن وافق خطه على جهة الإبعاد ، أي أن ذلك لا يمكن ممن ليس بنبي ميسر لذلك ، وهذا كما يسألك أحد فيقول : أيطير الإنسان ؟ فتقول : إنما يطير الطائر ، فمن كان له من الناس جناحان طار ، أي أن ذلك لا يكون . والأثارة تستعمل في بقية الشرف فيقال : لبني فلان أثارة من شرف ، إذا كانت عندهم شواهد قديمة ، وتستعمل في غير ذلك ، ومنه قول الراعي : [ الوافر ] @ وذات أثارة أكلت عليه نباتاً في أكمتها قصارى @@ يريد : الأثارة من الشحم ، أي البقية وقرأ عبد الرحمن السلمي فيما حكى الطبري : " أو أَثَرَة " بفتح الهمزة والثاء والراء دون ألف ، وحكاها أبو الفتح عن ابن عباس وقتادة وعكرمة وعمرو بن ميمون والأعمش ، وهي واحدة جمعها : أثر كقترة وقتر . وحكى الثعلبي أن عكرمة قرأ : " أو ميراث من علم " . وقرأ علي بن أبي طالب والسلمي فيما حكى أبو الفتح بسكون الثاء وهي الفعلة الواحدة مما يؤثر ، أي قد قنعت لكم الحجة بخبر واحد أو أثر واحد يشهد بصحة قولكم . وقرأت فرقة : " أُثْرة " بضم الهمزة وسكون الثاء ، وهذه كلها بمعنى : هل عندكم شيء خصكم الله به من علم وآثركم به . وقوله تعالى : { ومن أضل } الآية توبيخ لعبدة الأصنام ، أي لا أحد أضل ممن هذه صبغته ، وجاءت الكنايات في هذه الآية عن الأصنام كما تجيء عمن يعقل ، وذلك أن الكفار قد أنزلوها منزلة الآلهة وبالمحل الذي دونه البشر ، فخوطبوا على نحو معتقدهم فيها ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود : " ما لا يستجيب " . والضمير في قوله : { ومن هم عن دعائهم غافلون } هو للأصنام في قول جماعة ، ووصف الأصنام بالغفلة من حيث عاملهم معاملة من يعقل ، ويحتمل أن يكون الضمير في قوله : { وهم } وفي : { غافلون } للكفار ، أي ضلالهم بأنهم يدعون من لا يستجيب فلا يتأملون ما عليهم في دعاء من هذه صفته . وقوله تعالى : { كانوا لهم أعداء } وصف لما يكون يوم القيامة بين الكفار وأصنامهم من التبري والمناكرة ، وقد بين ذلك في غير هذه الآية . وذلك قوله تعالى حكاية عنهم : { تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون } [ القصص : 63 ] .