Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 30-33)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : قال هؤلاء المنذرون لما بلغوا قومهم { يا قومنا إنا سمعنا كتاباً } وهو القرآن العظيم ، وخصصوا { موسى } عليه السلام لأحد أمرين : إما لأن هذه الطائفة كانت تدين بدين اليهود ، وإما لأنهم كانوا يعرفون أن موسى قد ذكر محمداً وبشر به ، فأشاروا إلى موسى من حيث كان هذا الأمر مذكوراً في توراته . قال ابن عباس في كتاب الثعلبي : لم يكونوا علموا أمر عيسى عليه السلام ، فلذلك قالوا { من بعد موسى } . وقولهم : { مصدقاً لما بين يديه } يؤيد هذا . و : { ما بين يديه } هي التوراة والإنجيل . و { الحق } و " الطريق المستقيم " هنا بمعنى يتقارب لكن من حيث اختلف اللفظ ، وربما كان { الحق } أعم ، وكأن أحدهما قد يقع في مواضع لا يقع فيها الآخر حسن التكرار . و : { داعي الله } هو محمد عليه السلام ، والضمير في : { به } عائد على الله تعالى . وقوله : { يغفر } معناه : يغفر الله . { ويجركم } معناه : يمنعكم ويجعل دونكم جوار حفظه حتى لا ينالكم عذاب . وقوله تعالى : { ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز } الآية ، يحتمل أن يكون من كلام المنذرين ، ويحتمل أن يكون من كلام الله تعالى لمحمد عليه السلام ، والمراد بها إسماع الكفار وتعلق اللفظ إلى هذا المعنى من قول الجن : { أجيبوا داعي الله } فلما حكى ذلك قيل ومن لا يفعل هذا فهو بحال كذا ، والمعجز الذاهب في الأرض الذي يبدي عجز طالبه ولا يقدر عليه ، وروي عن ابن عامر : " وليس لهم من دونه " بزيادة ميم . وقوله تعالى : { أو لم يروا } الضمير لقريش ، وهذه آية مثل واحتجاج ، لأنهم قالوا إن الأجساد لا يمكن أن تبعث ولا تعاد ، وهم مع ذلك معترفون بأن الله تعالى خلق السماوات والأرض فأقيمت عليهم الحجة من أقوالهم . والرؤية في قوله : { أو لم يروا } رؤية القلب . وقرأ جمهور الناس : " ولم يعْيَ " بسكون العين وفتح الياء الأخيرة . وقرأ الحسن بن أبي الحسن " يعِ " بكسر العين وسكون الياء وذلك على حذف . والباء في قوله : { بقادر } زائدة مؤكدة ، ومن حيث تقدم نفي في صدر الكلام حسن التأكيد بالباء وإن لم يكن المنفي ما دخلت على عليه كما هي في قولك : ما زيد بقائم كان بدل { أو لم يروا } أوليس الذي خلق . وقرأ ابن عباس وجمهور الناس : " بقادر " وقرأ الجحدري والأعرج وعيسى وعمرو بن عبيد : " يقدر " بالياء على فعل مستقبل ، ورجحها أبو حاتم وغلط قراءة الجمهور لقلق الباء عنده . وفي مصحف عبد الله بن مسعود " بخلقهن قادر " . و : { بلى } جواب بعد النفي المتقدم ، فهي إيجاب لما نفي ، والمعنى : بلى رأوا ذلك أن لو نفعهم ووقع في قلوبهم ، ثم استأنف اللفظ الإخبار المؤكد بقوله : { إنه على كل شيء قدير } .