Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 41-45)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واستمع } بمنزلة ، وانتظر ، وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء ، لأن كل من فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار ، وقيل لمحمد تحسس وتسمع هذا اليوم وارتقبه ، وهذا كما تقول لمن تعده بورود فتح استمع كذا وكذا ، أي كن منتظراً له مستمعاً ، وعلى هذا فنصب { يوم } إنما هو على المفعول الصريح . وقرأ ابن كثير : " المنادي " بالياء في الوصل والوقف على الأصل الذي هو ثبوتها ، إذ الكلام غير تام وإنما الحذف ابداً في الفواصل ، والكلام التام تشبيهاً بالفواصل . وقرأ أبو عمرو ونافع ، بالوقف بغير ياء لأن الوقف موضع تغيير ، ألا ترى أنها تبدل من التاء فيه الهاء في نحو طلحة وحمزة ، ويبدل من التنوين الألف ويضعف فيه الحرف كقولك هذا فرج ، ويحذف فيه الحرف في القوافي ، وقرأ الباقون وطلحة والأعمش وعيسى بحذف الياء في الوصل والوقف جميعاً وذلك اتباع لخط المصحف ، وأيضاً فإن الياء تحذف مع التنوين فوجب أن تحذف مع معاقب التنوين وهي الألف واللام . وقوله تعالى : { من مكان قريب } قيل وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلق . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن ملكاً ينادي من السماء : أيتها الأجسام الهامدة والعظام البالية والرمم الذاهبة ، هلم إلى الحساب الوقوف بين يدي الله " . وقال كعب الأحبار وقتادة وغيرهما : المكان صخرة بيت المقدس واختلفوا في معنى صفته بالقرب فقال قوم : وصفها بذلك لقربها من النبي صلى الله عليه وسلم أي من مكة . وقال كعب الأحبار : وصفه بالقرب من السماء ، وروي أنها أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً ، وهذا الخبر إن كان بوحي ، وألا سبيل للوقوف على صحته . و : { الصيحة } هي صيحة المنادي و : { الخروج } هو من القبور ، و : " يومه " هو يوم القيامة ، و { يوم الخروج } في الدنيا هو يوم العيد قال حسان بن ثابت : [ الكامل ] @ ولأنت أحسن إذ برزت لنا يوم الخروج بساحة القصر من درة أغلى الملوك بهـا مما تربَّب حائر البحر @@ وقوله تعالى : { يوم تشقق } العامل في { يوم } ، { المصير } . وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر : " تشّقق " بتشديد الشين . وقرأ الباقون : " تشقق " بتخفيف الشين و : { سراعاً } حال قال بعض النحويين وهي من الضمير في قوله : { عنهم } والعامل في الحال { تشقق } وقال بعضهم التقدير : { يوم تشقق الأرض عنهم } يخرجون { سراعاً } فالحال من الضمير في : " يخرجون " ، والعامل " يخرجون " . وقوله تعالى : { ذلك حشر علينا يسير } كلام معادل لقول الكفرة : { ذلك رجع بعيد } [ ق : 3 ] . وقوله تعالى : { نحن أعلم بما يقولون } وعيد محض للكفرة . واختلف الناس في معنى قوله : { وما أنت عليهم بجبار } . فقال قتادة : نهى الله عن التجبر وتقدم فيه ، فمعناه : وما أنت عليهم بمتعظم من الجبروت . وقال الطبري وغيره معناه : وما أنت عليهم بمسلط تجبرهم على الإيمان ، ويقال جبرته على كذا ، أي قسرته فـ " جبار " بناء مبالغة من جبر وأنشد المفضل : [ الوافر ] @ عصينا عزمة الجبار حتى صحبنا الخوف إلفاً معلمينا @@ قال : أراد بـ " الجبار " النعمان بن المنذر لولايته ، ويحتمل أن نصب عزمة على المصدر وأراد عصينا مقدمين عزمة جبار ، فمدح نفسه وقومه بالعتو والاستعلاء أخلاق الجاهلية والحياة الدنيا ، وروى ابن عباس أن المؤمنين قالوا : يا رسول الله لو خوفتنا ، فنزلت : { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } . قال القاضي أبو محمد : ولو لم يكن هذا سبباً فإنه لما أعلمه أنه ليس بمسلط على جبرهم ، أمره بالاقتصار على تذكير الخائفين من الناس .