Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 45-52)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال بعض المفسرين : { من قيام } معناه : ما استطاعوا أن يقوموا من مصارعهم . وقال قتادة وغيره معناه : ما قيام بالأمر ودفعه كما تقول : ما أن له بكذا وكذا قيام ، أي استضلاع وانتهاض . وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم : " وقوم نوح " بالنصب ، وهو عطف إما علىالضمير في قوله : { فأخذتهم } [ الذاريات : 44 ] إذ هو بمنزلة أهلكناهم ، وإما على الضمير في قوله : { فنبذناهم } [ الذاريات : 40 ] ، وقرأ أبو عمرو فيما روى عنه عبد الوارث : " وقومُ نوح " بالرفع وذلك على الابتداء وإضمار الخبر وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي : " وقومِ " بالخفض عطفاً على ما تقدم من قوله : { وفي ثمود } [ الذاريات : 43 ] وقد روي النصب عن أبي عمرو . وقوله : { والسماءَ } نصب بإضمار فعل تقديره : وبنينا السماء بنيناها . والأيد : القوة قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ، ووقعت في المصحف بياءين وذلك على تخفيف الهمز ، وفي هذا نظر . وقوله : { لموسعون } يحتمل أن يريد : إنا نوسع الأشياء قوة وقدرة كما قال تعالى : { على الموسع قدره } [ البقرة : 236 ] أي الذي يوسع أهله إنفاقاً ، ويحتمل أن يريد : { لموسعون } في بناء السماء ، أي جعلناها واسعة وهذا تأويل ابن زيد وقال الحسن : أوسع الرزق بمطر السماء و " الماهد " المهيئ الموطئ للموضع الذي يتمهد ويفترش . وقوله تعالى : { ومن كل شيء خلقنا زوجين } أي مصطحبين ومتلازمين ، فقال مجاهد معناه أن هذه إشارة إلى المتضادات والمتقابلات من الأشياء كالليل والنهار والشقوة والسعادة والهدى والضلالة والأرض والسماء والسواد والبياض والصحة والمرض والكفر والإيمان ونحو هذا ، ورجحه الطبري بأنه دل على القدرة التي توجد الضدين ، بخلاف ما يفعل بطبعه فعلاً واحداً كالتسخين والتبريد . وقال ابن زيد وغيره : هي إشارة غلى الأنثى والذكر من كل حيوان والترجي الذي في قوله : { لعلكم } هو بحسب خلق البشر وعرفها . وقرأ الجمهور " تذّكرون " بشد الذال والإدغام . وقرأ أبي بن كعب : " تتذكرون " بتاءين وخفة الذال . وقوله : { ففروا } أمر بالدخول في الإيمان وطاعة الله ، وجعل الأمر بذلك بلفظ الفرار لينبه على أن وراء الناس عقاباً وعذاباً وأمراً حقه أن يفر منه ، فجمعت لفظة " فروا " بين التحذير والاستدعاء ، وينظر إلى هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك " الحديث ، قال الحسن بن الفضل : من فر إلى غير الله . وقوله : { ولا تجعلوا مع الله } الآية نهي عن عبادة الأصنام والشياطين وكل مدعو من دون الله وفائدة تكرار قوله : { إني لكم منه نذير مبين } الإبلاغ وهز النفس وتحكيم التحذير وإعادة الألفاظ بعينها في هذه المعاني بليغة بقرينة شدة الصوت . وقوله تعالى : { كذلك } تقديره : سيرة الأمم كذلك ، أو الأمر في القديم كذلك . وقوله : { إلا قالوا ساحر أو مجنون } معناه : إلا قال بعض : هذا وبعض : هذا وبعض : الجميع ألا ترى أن قوم نوح لم يقولوا قط : { ساحر } وإنما قالوا : { به جنة } [ سبأ : 8 ] فلما اختلف الفرق جعل الخبر عن ذلك بإدخال أو بين الصفتين ، وليس المعنى أن كل أمة قالت عن نبيها إنه ساحر أو هو مجنون ، فليست هذه كالمتقدمة في فرعون ، بل هذه كأنه قال : إلا قالوا هو ساحر وهو مجنون .