Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 27-35)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه { الناقة } التي اقترحوها أن تخرج لهم من صخرة صماء من الجبل ، وقد تقدم قصصها ، فأخبر الله تعالى صالحاً على جهة التأنيس أنه يخرج لهم الناقة ابتلاء واختباراً ، ثم أمره بارتقاب الفرج وبالصبر . { واصطبر } أصله : اصتبر . افتعل ، أبدلت التاء طاء لتناسب الصاد . ثم أمره بأن يخبر ثمود { أن الماء قسمة بينهم } : و { الماء } : هو ماء البئر التي كانت لهم ، واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة ، فقال جمهور منهم { قسمة بينهم } : يتواسونه في اليوم الذي لا ترده الناقة وذلك فيما روي أن الناقة كانت ترد البئر غباً ، وتحتاج جميع مائه يومها ، فنهاهم الله عن أن يستأثر أهل اليوم الذي لا ترد الناقة فيه بيومهم ، وأمرهم بالتواسي مع الذين ترد الناقة في يومهم . وقال آخرون معناه : الماء بين جميعهم وبين الناقة قسمة . و : { محتضر } معناه : محضور مشهود متواسىً فيه ، وقال مجاهد المعنى : { كل شرب } أي من الماء يوماً ومن لبن الناقة يوماً { محتضر } لهم ، فكأنه أنبأهم الله عليهم في ذلك . و : { صاحبهم } هو قدار بن سالف ، وبسببه سمي الجزار القدار لشبه في الفعل ، قال الشاعر [ عدي بن ربيعة ] : [ الكامل ] @ إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ضرب القدار نقيعة القدام @@ وقد تقدم شرح أمر قدار بن سالف . و : " تعاطى " مطاوع عاطى ، فكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وأعطاها بعضهم بعضاً ، فتعاطاها هو وتناول العقر بيده ، قاله ابن عباس ، ويقال للرجل الذي يدخل نفسه في تحمل الأمور الثقال متعاط على الوجه الذي ذكرناه ، والأصل عطا يعطو ، إذا تناول ، ثم يقال : عاطى ، وهو كما تقول : جرى وجارى وتجارى وهذا كثير ، ويروى أنه كان مع شرب وهم التسعة الرهط ، فاحتاجوا ماء فلم يجدوه بسبب ورد الناقة ، فحمله أصحابه على عقرها . ويروى أن ملأ القبيل اجتمع على أن يعقرها ، ورويت أسباب غير هذين ، وقد تقدم ذلك . والصيحة : يروى أن جبريل عليه السلام صاحها في طرف من منازلهم فتفتتوا وهمدوا { فكانوا كهشيم المحتظر } . والهشيم : ما تفتت وتهشم من الأشياء . وقرأ جمهور الناس : " كهشيم المحتظِر " بكسر الظاء ، ومعناه : الذي يصنع حظيرة من الرعاء ونحوهم قاله أبو إسحاق السبيعي والضحاك وابن زيد ، وهي مأخوذة من الحظر وهو المنع ، والعرب وأهل البوادي يصنعونها للمواشي وللسكنى أيضاً من الأغصان والشجر المورق والقصب ونحوه ، وهذا كله هشيم يتفتت إما في أول الصنعة ، وإما عند بلى الحظيرة وتساقط أجزائها . وحكى الطبري عن ابن عباس وقتادة أن " المحتظِر " معناه : المحترق . قال قتادة : كهشيم محرق . وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء : " المحتظَر " بفتح الظاء ، ومعناه الموضع الذي احتظر ، فهو مفعل من الحظر ، أو الشيء الذي احتظر به . وقد روي عن سعيد بن جبير أنه فسر : { كهشيم المحتظر } بأن قال : هو التراب الذي سقط من الحائط البالي ، وهذا متوجه ، لأن الحائط حظيرة ، والساقط هشيم . وقال أيضاً هو وغيره : { المحتظر } ، معناه : المحرق بالنار ، كأنه ما في الموضع المحتظر بالنار ، وما ذكرناه عن ابن عباس وقتادة هو على قراءة كسر الظاء ، وفي هذا التأويل بعض البعد . وقال قوم : " المحتظَر " بالفتح الهشيم نفسه وهو مفتعل ، وهو كمسجد الجامع وشبهه . وقد تقدم قصص قوم لوط . والحاصب : السحاب الرامي بالبرد وغيره ، وشبه تلك الحجارة التي رمى بها قوم لوط به بالكثرة والتوالي ، وهو مأخوذ من الحصباء ، كان السحاب يحصب مقصده ، ومنه قول الفرزدق : [ البسيط ] @ مستقبلين شمال الشام تحصبهم بحاصب كنديف القطن منثور @@ وقال ابن المسيب : سمعت عمر بن الخطاب يقول لأهل المدينة : مصروف ، لأنه نكرة لم يرد به يوم بعينه . وقوله : { نعمة } نصب على المصدر ، أي فعلنا ذلك إنعاماً على القوم الذين نجيناهم ، وهذا هو جزاؤنا لمن شكر نعمنا وآمن وأطاع .