Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 10-11)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والمعنى : { وما لكم لا تنفقوا في سبيل الله } وأنتم تموتون وتتركون أموالكم ، فناب مناب هذا القول قوله : { ولله ميراث السماوات والأرض } ، وفيه زيادة تذكير بالله وعبرة ، وعنه يلزم القول الذي قدرناه . وقوله تعالى : { لا يستوي منكم } الآية ، روي أنها نزلت بسبب أن جماعة من الصحابة أنفقت نفقات كثيرة حتى قال ناس : هؤلاء أعظم أجراً من كل من أنفق قديماً ، فنزلت الآية مبينة أن النفقة قبل الفتح أعظم أجراً . وهذا التأويل على أن الآية نزلت بعد الفتح ، وقد قيل إنها نزلت قبل الفتح تحريضاً على الإنفاق ، والأول أشهر وحكى الثعلبي أنها نزلت في أبي بكر الصديق ونفقاته ، وفي معناه قول النبي عليه السلام لخالد بن الوليد : " اتركوا لي أصحابي ، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " . واختلف الناس في { الفتح } المشار إليه في هذه الآية . فقال أبو سعيد الخدري والشعبي : هو فتح الحديبية . وقد تقدم في سورة " الفتح " تقرير كونه فتحاً ، ورفعه أبو سعيد الخدري إلى النبي عليه السلام أن أفضل ما بين الهجرتين فتح الحديبية . وقال قتادة ومجاهد وزيد بن أسلم : هو فتح مكة الذي أزال الهجرة . قال القاضي أبو محمد : وهذا هو المشهور الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية . " وقال له رجل بعد فتح مكة : أبايعك على الهجرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الهجرة قد ذهبت بما فيها " . وإن الهجرة شأنها شديد ، ولكن أبايعك على الجهاد وحكم الآية باق غابر الدهر من أنفق في وقت حاجة السبيل أعظم أجراً ممن أنفق مع استغناء السبيل . وأكثر المفسرين على أن قوله : { يستوي } مسند إلى { من } ، وترك ذكر المعادل الذي لا يستوي معه ، لأن قوله تعالى : { من الذين أنفقوا من بعد } قد فسره وبينه . ويحتمل أن يكون فاعل { يستوي } محذوفاً تقديره : لا يستوي منكم الإنفاق ، ويؤيد ذلك أن ذكره قد تقدم في قوله : { وما لكم ألا تنفقوا } ويكون قوله : { من } ابتداء وخبره الجملة الآتية بعد . وقرأ جمهور السبعة : " وكلاً وعد الله الحسنى " وهي الوجه ، لأن وعد الله ليس يعوقه عائق على أن ينصب المفعول المقدم . وقرأ ابن عامر : " وكل وعد الله الحسنى " ، فأما سيبويه رحمه الله فقدر الفعل خبر الابتداء ، وفيه ضمير عائد وحذفه عنده قبيح لا يجري إلا في شعر ونحوه ، ومنه قول الشاعر [ جرير بن عطية ] : [ الرجز ] @ قد أصبحت أم الخيار تدعي عليّ ذنباً كله لم أصنع @@ قال : ولكن حملوا الخبر على الصفات كقول جرير : [ الوافر ] @ وما شيء حميت بمستباح @@ وعلى الصلات كقوله تعالى : { أهذا الذي بعث الله رسولاً } [ الفرقان : 41 ] وذهب غير سيبويه إلى أن { وعد } في موضع الصفة ، كأنه قال : " أولئك كل وعد الله الحسنى " ، وصاحب هذا المذهب حصل في هذا التعسف في المعنى فراراً من حذف الضمير في خبر المبتدأ . و : { الحسنى } الجنة ، قاله مجاهد وقتادة ، والوعد يتضمن ما قبل الجنة من نصر وغنيمة . وقوله تعالى : { والله بما تعملون خبير } قول فيه وعد ووعيد . وقوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } الآية ، قال بعض النحويين : { من } ابتداء و : { ذا } خبر ، و { الذي } صفة ، وقال آخرون منهم : { من } ابتداء و : { ذا } زائد مع الذي ، و { الذي } خبر الابتداء ، وقال الحسن : نزلت هذه الآية في التطوع في جميع أمر الذين . والقرض : السلف ونحوه أن يعطي الإنسان شيئاً وينتظر جزاءه ، والتضعيف من الله هو في الحسنات ، يضاعف الله لمن يشاء من عشرة إلى سبعمائة ، وقد ورد أن التضعيف يربى على سبعمائة ، وقد مر ذكر ذلك في سورة البقرة بوجوهه من التأويل . وقرأ أبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي : " فيضاعفُه " بالرفع على العطف أو على القطع والاستئناف . وقرأ عاصم : " فيضاعفَه " بالنصب في الفاء في جواب الاستفهام ، وفي ذلك قلق . قال أبو علي : لأن السؤال لم يقع عن القرض ، وإنما يقع السؤال عن فاعل القرض ، وإنما تنصب الفاء فعلاً مردوداً على فعل مستفهم عنه ، لكن هذه الفرقة حملت ذلك على المعنى ، كأن قوله : { من ذا الذي يقرض } بمنزلة أن لو قال : أيقرض الله أحداً فيضاعفه ؟ وقرأ ابن كثير " فيضعّفُه " مشددة العين مضمومة الفاء . وقرأ ذلك ابن عامر ، إلا أنه فتح الفاء . والأجر الكريم الذي يقرض به رضى وإقبال ، وهذا معنى الدعاء : يا كريم العفو ، أي أن مع عفوه رضى وتنعيماً وعفو البشر ليس كذلك .