Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 13-16)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الإشفاق : الفزع من العجز عن الشيء المتصدق به أو من ذهاب المال في الصدقة وله وجوه كثيرة يقال فيها الإشفاق ، لكنه في هذا الموضع كما ذكرت ، { وتاب الله عليكم } معناه : رجع بكم ، وقوله { فأقيموا الصلاة } الآية المعنى دوموا على هذه الأعمال التي هي قواعد شرعكم ومن قال إن هذه الصدقة منسوخة بآية الزكاة ، فقوله ضعيف لا يحصل كيف النسخ ، وما ذكر في نحو هذا عن ابن عباس لا يصح عنه والله أعلم ، وقوله تعالى : { ألم تر إلى الذين تولوا } نزلت في قوم من المنافقين تولوا قوماً من اليهود وهم المغضوب عليهم ، وقال الطبري : { ما هم } يريد به المنافقين و { منكم } يريد به المؤمنين و { منهم } يريد به اليهود . قال القاضي أبو محمد : وهذا التأويل يجري مع قوله تعالى : { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } [ النساء : 143 ] ، ومع قوله عليه السلام : " مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين لأنه مع المؤمنين بقوله ومع الكافرين بقلبه " ، ولكن هذه الآية تحتمل تأويلاً آخر وهو أن يكون قوله { ما هم } يريد به اليهود ، وقوله : { ولا منهم } يريد به المنافقين فيجيء فعل المنافقين على هذا التأويل أحسن لأنهم تولوا قوماً مغضوباً عليهم ليسوا من أنفسهم فيلزمهم ذمامهم ولا من القوم المحقين فتكون الموالاة صواباً . وقوله { يحلفون } يعني المنافقين لأنهم كانوا إذا وقفوا على ما يأتون به من بغض النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه وموالاة عدوه حلفوا أنهم لا يفعلون ذلك واستسهلوا الحنث ، ورويت من هذا نوازل كثيرة اختصرتها إيجازاً وإذا تتبعت في المصنفات وجدت كقول ابن أبي لئن رجعنا إلى المدينة وحلفه على أنه لم يقل وغير ذلك ، والعذاب الشديد هو عذاب الآخرة . وقرأ جمهور الناس : " أيمانهم " جمع يمين . وقرأ الحسن بن أبي الحسن : " إيمانهم " ، أي يظهرونه من الإيمان والجنة : ما يتستر به ويتقي المحذور ، ومنه المجن : وهو الترس : وقوله { فصدوا عن سبيل الله } يحتمل أن يكون الفعل غير متعد كما تقول صد زيد ، أي صدوا هم أنفسهم عن سبيل الله والإيمان برسوله ، ويحتمل أن يكون متعدياً أي صدوا غيرهم من الناس عن الإيمان ممن اقتدى بهم وجرى في مضمارهم ، ويحتمل أن يكون المعنى { فصدوا } المسلمين عن قتلهم ، وتلك { سبيل الله } فيهم لكن ما أظهروه من الإيمان صدوا به المسلمين عن ذلك ، والمهين : المذل من الهوان .