Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 3-6)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه كتب على بني إسرائيل جلاء ، وكانت بنو النضير ممن حل بالحجاز بعد موت موسى عليه السلام بيسير ، لأنهم كانوا من الجيش الذي رجع وقد عصوا في أن لم يقتلوا الغلام ابن ملك العماليق لجماله وعقله ، وقد كان موسى عليه السلام قال لهم لا تستحيوا أحداً ، فلما رجع ذلك الجيش إلى بني إسرائيل بالشام وجدوا موسى ميتاً ، وقال لهم بنو إسرائيل أنتم عصاة والله لا دخلتم علينا بلادنا ، فقال أهل ذلك الجيش عند ذلك ليس لنا أحب من البلاد التي غلبنا أهلها ، فانصرفوا إلى الحجاز ، فكانوا فيه فلم يجر عليهم الجلاء الذي أجراه بختنصر على أهل الشام ، وقد كان الله تعالى كتب في الأزل على بني إسرائيل جلاء فنالهم هذا { الجلاء } على يدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولولا ذلك { لعذبهم } الله { في الدنيا } بالسيف والقتل كأهل بدر وغيرهم . ويقال : جلا الرجل وأجلاه غيره ، وقد يقال : أجلى الرجل نفسه بمعنى جلا ، والمشاقة كون الإنسان في شق ومخالفه في شق ، وقوله : { ما قطعتم من لينة } سببها أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضعوا أيديهم في نخل بني النضير يقطعون ويحرقون ، فقال بنو النضير : ما هذا الإفساد يا محمد وأنت تنهى عن الفساد فكف عن ذلك بعض الصحابة وذلك في صدر الحرب معهم ، فنزلت الآية معلمة أن جميع ما جرى من قطع أو إمساك { فبإذن الله } ، وردت الآية على قول بني النضير ، إن محمداً ينهى عن الفساد وها هو ذا يفسد فأعلم الله تعالى أن ذلك بإذنه { ليخزي به الفاسقين } من بني النضير ، واختلف الناس في اللينة ، فقال الحسن ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون : اللينة النخلة اسمان بمعنى واحد وجمعها لين وليان ، قال الشاعر [ امرؤ القيس ] : [ المتقارب ] @ وسالفة كسحوق الليان أضرم فيها الغوي السعر @@ وقال الآخر [ ذو الرمة ] : @ طراق الخوافي واقع فوق لينة ندى ليله في ريشه يترقرق @@ وقال ابن عباس وجماعة من اللغويين : اللينة من النخل ما لم يكن عجوة . وقال سفيان بن سعيد الثوري : اللينة الكريمة من النخل ، وقال أبو عبيدة فيما روي عنه وسفيان : اللينة : ما تمرها لون وهو نوع من التمر ، يقال له اللون ، قال سفيان ، هو شديد الصفرة يشف عن نواة من التمر فيرى من خارج وأصلها لونة فأبدلت لموافقة الكسرة ، وقال أيضاً أبو عبيدة اللين : ألوان النخل المختلطة التي ليس فيها عجوة ولا برني . وقرأ ابن مسعود والأعمش : " أو تركتموها قوماء على أصولها " ، وقوله تعالى : { وما أفاء الله على رسوله منهم } الآية . إعلام إنما أخذ لبني النضير ومن فدك فهو خاص للنبي صلى الله عليه وسلم وليس على حكم الغنيمة التي يوجف عليها ويقاتل فيها بل على حكم خمس الغنائم ، وذلك أن بني النضير لم يوجف عليها ، ولا قوتلت كبير قتال ، فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قوت عياله وقسم سائرها في المهاجرين ، ولم يعط منها الأنصار شيئاً ، غير أن أبا دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف شكيا عظيمة فأعطاهما ، هذا قول جماعة من العلماء ، وفي ذلك قول عمر بن الخطاب : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله عليه مما لم يوجف عليه المسلمون بـ { خيل ولا ركاب } فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منها على أهله نفقة سنة وما بقي منها جعله في السلاح والكراع عدة في سبيل الله . قال بعض العلماء : وكذلك كل ما فتح على الأئمة مما لم يوجف عليه فهو لهم خاصة والوجيف : دون التضريب ، يقال وجف الفرس وأوجفه الراكب والإيجاف : سرعة السير والاجتهاد فيه .