Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 137-137)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" الكثير " في هذه الآية يراد به من كان يئد من مشركي العرب ، و " الشركاء " ها هنا الشياطين الآمرون بذلك المزينون له والحاملون عليه أيضاً من بني آدم الناقلين له عصراً بعد عصر إذ كلهم مشتركون في قبح هذا الفعل وتباعته في الآخرة ، ومقصد هذه الآية الذم للوأد والإنجاء على فعَلته ، واختلفت القراءة فقرأت الجماعة سوى ابن عامر " وكذلك زَين " بفتح الزاي " قتلَ " بالنصب " أولادِهم " بكسر الدال " شركاؤهم " ، وهذا أبين قراءة ، وحكى سيبويه أنه قرأت فرقة " وكذلك زُين " بضم الزاي " قتل أولادِهم " بكسر الدال " شركاؤهم " بالرفع . قال القاضي أبو محمد : وهي قراءة أبي عبد الرحمن السلمي والحسن وأبي عبد الملك قاضي الجند صاحب ابن عامر ، كأنه قال : زينه شركاؤهم قال سييبويه : وهذا كما قال الشاعر : [ الطويل ] @ ليبك يزيد ضارعٌ لخصومة ومختبط مما يطيح الطوائح @@ كأنه قال يبكيه ضارع لخصومة ، وأجاز قطرب أن يكون الشركاء في هذه القراءة ارتفعوا بالقتل كأن المصدر أضيف إلى المفعول ، ثم ذكر بعده الفاعل كأنه قال إن قتل أولادهم شركاؤهم كما تقول حبب إليَّ ركوب الفرس زيد أي ركب الفرس زيد . قال القاضي أبو محمد : والفصيح إذا أضيف مصدر إلى مفعول أن لا يذكر الفاعل ، وأيضاً فالجمهور في هذه الآية على أن الشركاء مزينون لا قاتلون ، والتوجيه الذي ذكر سيبويه هو الصحيح ، ومنه قوله عز وجل على قراءة من قرأ { يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال } [ النور : 36 ] بفتح الباء المشددة أي " يسبَّح رجال " وقرأ ابن عامر " وكذلك زُين " بضم الزاي " قتلُ " بالرفع " أولادَهم " بنصب الدال " شركائِهم " بخفض الشركاء ، وهذه قراءة ضعيفة في استعمال العرب ، وذلك أنه أضاف القتل إلى الفاعل وهو الشركاء ، ثم فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول ورؤساء العربية لا يجيزون الفصل بالظروف في مثل هذا إلا في الشعر كقوله [ أبو حية النميري ] : [ الوافر ] @ كما خُطَّ بكفِّ يوماً يهوديَّ يقارِبُ أو يزيلُ @@ فكيف بالمفعول في أفصح الكلام ؟ ولكن وجهها على ضعفها أنها وردت شاذة في بيت أنشده أبو الحسن الأخفش وهو : [ مجزوء الكامل ] @ فَزَجَجْتُهُ بِمِزَجَّةٍ زَجَّ القُلُوصَ أبي مزادة @@ وفي بيت الطرماح وهو قوله : [ الطويل ] @ يطفن بحوزيّ المرابعِ لَمْ يُرَعْ بواديهِ من قَرْعِ القِسِيُّ الكنائِن @@ والشركاء على هذه القراءة هم الذين يتأولون وأد بنات الغير فهم القاتلون ، والصحيح من المعنى أنهم المزينون لا القاتلون ، وذلك مضمن قراءة الجماعة . وقرأ بعض أهل الشام ورويت عن ابن عامر " زِيْن " بكسر الزاي وسكون الياء على الرتبة المتقدمة من الفصل بالمفعول ، وحكى الزهراوي أنه قرأت فرقة من أهل الشام " وكذلك زُين " بضم الزاي " قتلُ " بالرفع " أولادِهم " بكسر الدال " وشركائِهم " بالخفض والشركاء على هذه القراءة هم الأولاد الموءودون لأنهم شركاء في النسب والمواريث ، وكأن وصفهم بأنهم شركاء يتضمن حرمة لهم وفيها بيان لفساد الفعل إذ هو قتل من له حرمة . و { ليردوهم } معناه ليهلكوهم من الردى ، { وليلبسوا } معناه ليخلطوا ، والجماعة على كسر الباء ، وقرأ إبراهيم النخعي " وليَلبسوا " بفتح الباء ، قال أبو الفتح : هي استعارة من اللباس عبارة عن شدة المخالطة ، وهذان الفعلان يؤيدان أول قراءة في ترتيبنا في قوله { وكذلك زين } . وقوله تعالى : { ولو شاء الله ما فعلوه } يقتضي أن لا شيء إلا بمشيئة الله عز وجل ، وفيها رد على من قال بأن المرء يخلق أفعاله ، وقوله تعالى : { فذرهم } وعيد محض ، و { يفترون } معناه يختلقون من الكذب في تشرعهم بذلك واعتقادهم أنها مباحات لهم .