Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 139-139)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الآية تتضمن تعديد مذاهبهم الفاسدة ، وكانت سنتهم في بعض الأنعام أن يحرموا ما ولدت على نسائهم ويخصصونه لذكورهم ، والهاء في { خالصة } قيل هي للمبالغة كما هي في رواية غيرها ، وهذا كما تقول فلان خالصتي وإن كان باب هاء المبالغة أن يلحق بناء مبالغة كعلامة ونسابة وبصيرة ونحوه ، وقيل هي لتأنيث الأنعام إذ ما في بطونها أنعام أيضاً ، وقيل هي على تأنيث لفظ { ما } لأن { ما } واقعة في هذا الموضع موقع قولك جماعة وجملة ، وقرأ جمهور القراء والناس " خالصةٌ " بالرفع ، وقرأ عبد الله بن مسعود وابن جبير وابن أبي عبلة والأعمش " خالصٌ " دون هاء ورفع هاتين القراءتين على خبر الابتداء . وقرأ ابن عباس بخلاف والأعرج وقتادة وسفيان بن حسين " خالصةً " بالنصب ، وقرأ سعيد بن جبير فيما ذكر أبو الفتح " خالصاً " ونصب هاتين القراءتين على الحال من الضمير الذي في قوله { في بطون } ، وذلك أن تقدير الكلام : وقالوا ما استقر هو في بطون هذه الأنعام فحذف الفعل وحمل المجرور الضمير ، والحال من الضمير والعامل فيها معنى الاستقرار ، قال أبو الفتح ويصح أن يكون حالاً من { ما } على مذهب أبي الحسن في إجازته تقديم الحال على العامل فيها ، وقرأ ابن عباس أيضاً وأبو حيوة والزهري " خالصه " بإضافة " خالص " إلى ضمير يعود على { ما } ، ومعناه ما خلص وخرج حياً ، والخبر على قراءة من نصب " خالصة " في قوله { لذكورنا } والمعنى المراد بما في قوله { ما في بطون } قال السدي : هي الأجنة ، وقال ابن عباس وقتادة والشعبي : هو اللبن ، قال الطبري واللفظ يعمهما ، وقوله { ومحرم } يدل على أن الهاء في { خالصة } للمبالغة ، ولو كانت لتأنيث لقال ومحرمة ، و { أزواجنا } يريد به جماعة النساء التي هي معدة أن تكون أزواجاً ، قال مجاهد ، وحكى الطبري عن ابن زيد أن المراد بـ { أزواجنا } البنات . قال القاضي أبو محمد : وهذا يبعد تحليقه على المعنى ، وقوله { إن يكن ميتة } كان من سنتهم أن ما خرج من الأجنة ميتاً من تلك الأنعام الموقوفة فهو حلال للرجال والنساء جميعاً وكذلك ما مات من الأنعام الموقوفة نفسها ، وقرأ ابن كثير " وإن يكن " بالياء " ميتةٌ " بالرفع فلم يلحق الفعل علامة التأنيث لما كان تأنيث الفاعل المسند إليه غير حقيقي ، والمعنى وإن وقع ميتة أو حدث ميتة ، وقرأ ابن عامر " وإن تكن " بالتاء " ميتةٌ " بالرفع فألحق الفعل علامة التأنيث لما كان الفاعل في اللفظ مؤنثاً ، وأسند الفعل إلى الميتة كما فعل ابن كثير ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه " تكن " بالتاء " ميتةً " بالنصب فأنث وإن كان المتقدم مذكراً لأنه حمله على المعنى . قال القاضي أبو محمد : فالتقدير وإن تكن النسمة أو نحوها ميتة ، وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " يكن " بالياء " ميتةً " بالنصب ، فذكروا الفعل لأنهم أسندوه إلى ضمير ما تقدم من قوله { ما في بطون هذه الأنعام } وهو مذكر ، وانتصبت الميتة على الخبر ، قال أبو عمرو بن العلاء ويقوي هذه القراءة قوله { فهم فيه } ولم يقل فيها ، وقرأ يزيد بن القعقاع " وإن تكن ميّتة " بالتشديد ، وقرأ عبد الله بن مسعود " فهم فيه سواء " ثم أعقب تعالى بوعيدهم على ما وصفوا أنه من القربات إلى الله تعالى وشرعوه من الباطل والإفك { إنه حكيم } أي في عذابهم على ذلك { عليم } بقليل ما تقوّلوه من ذلك وكثيره .