Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 159-160)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن عباس والصحاب وقتادة : المراد اليهود والنصارى أي فرقوا دين إبراهيم الحنيفية ، وأضيف الذين إليهم من حيث كان ينبغي أن يلتزموه ، إذ هو دين الله الذي ألزمه العباد ، فهو دين جميع الناس بهذا الوجه ووصفهم " بالشيع " إذ كل طائفة منهم لها فرق واختلافات ، ففي الآية حض لأمة محمد على الائتلاف وقلة الاختلاف ، وقال أبو الأحوص وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : الآية في أهل البدع والأهواء والفتن ومن جرى مجراهم من أمة محمد ، أي فرقوا دين الإسلام ، وقرأ علي بن أبي طالب وحمزة والكسائي " فارقوا " ومعناه تركوا ، ثم بيّن قوله { وكانوا شيعاً } أنهم فرقوه أيضاً ، والشيع جمع شيعة وهي الفرقة على مقصد ما يتشايعون عليه ، وقوله { لست منهم في شيء } أي لا تشفع لهم ولا لهم بك تعلق ، وهذا على الإطلاق في الكفار وعلى جهة المبالغة في العصاة والمتنطعين في الشرع ، لأنهم لهم حظ من تفريق الدين ، وقوله { إنما أمرهم إلى الله } إلى آخر الآية وعيد محض ، والقرينة المتقدمة تقتضي أن أمرهم إلى الله فيه وعيد ، كما أن القرينة في قوله { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله } [ البقرة : 275 ] تعطي أن في ذلك الأمر رجاء كأنه قال وأمره في إقبال وإلى خير ، وقرأ النخعي والأعمش وأبو صالح " فرَقوا " بتخفيف الراء وقال السدي هذه آية لم يؤمر فيها بقتال وهي منسوخة بالقتال . قال القاضي أبو محمد : وهذا كلام غير متقن فإن الآية خبر لا يدخله نسخ ولكنها تضمنت بالمعنى أمراً بموادعة فيشبه أن يقال إن النسخ وقع في ذلك المعنى الذي تقرر في آيات أخر . وقوله تعالى : { من جاء بالحسنة } الآية . قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر : هذه الآية نزلت في الأعراب الذين آمنوا بعد الهجرة فضاعف الله حسناتهم للحسنة عشر . وكان المهاجرون قد ضوعف لهم الحسنة سبعمائة . قال القاضي أبو محمد : وهذا تأويل يحتاج إلى سند يقطع العذر ، وقالت فرقة : هذه الآية لجميع الأمة ، أي إن الله يضاعف الحسنة بعشرة ثم بعد هذا المضمون قد يزيد ما يشاء ، وقد يزيد أيضاً على بعض الأعمال كنفقة الجهاد ، وقال ابن مسعود ومجاهد والقاسم بن أبي بزة وغيرهم : " الحسنة " لا إله إلا الله " والسيئة " الكفر . قال القاضي أبو محمد : وهذه هي الغاية من الطرفين ، وقالت فرقة : ذلك لفظ عام في جميع الحسنات والسيئات ، وهذا هو الظاهر . وأنث لفظ " العشر " لأن الأمثال ها هنا بالمعنى حسنات ، ويحتمل أن الأمثال أنث لما أضيفت إلى مؤنث ، وهو الضمير كما قال الشاعر : [ الطويل ] @ مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ أعالِيهَا مَرّ الرياح النواسم @@ فأنث وقرأ الحسن وسعيد بن جبير وعيسى بن عمر والأعمش ويعقوب " فله عشرٌ " بالتنوين " أمثالُها " بالرفع . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الأعمال ست موجبة وموجبة ومضعفة ومضعفة ومثل ومثل ، فلا إله إلا الله توجب الجنة . والشرك يوجب النار ، ونفقة الجهاد تضعف سبعمائة ضعف ، والنفقة على الأهل حسنتها بعشرة ، والسيئة جزاؤها مثلها ، ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة مثلها " ، وقوله تعالى : { لا يظلمون } أي لا يوضع في جزائهم شيء في غير موضعه ، وتقدير الآية من جاء بالحسنة فله ثواب عشر أمثالها ، والمماثلة بين الحسنة والثواب مترتبة إذا تدبرت ، وقال الطبري قوله { من جاء بالحسنة } الآية ، يريد من الذين فرقوا دينهم أي من جاء مؤمناً فله الجنة . قال القاضي أبو محمد : والقصد بالآية إلى العموم في جميع العالم أليق باللفظ .