Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 72-73)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأن أقيموا } يتجه أن يكون بتأويل وإقامة فهو عطف على المفعول المقدر في { أمرنا } [ الأنعام : 71 ] ، وقيل بل هو معطوف على قوله { لنسلم } [ الأنعام : 71 ] تقديره لأن نسلم { وأن أقيموا } . قال القاضي أبو محمد : وهذا قول الزجاج واللفظ يمانعه وذلك أن قوله " لأن نسلم " معرب ، وقوله { أن أقيموا } مبني وعطف المبني على المعرب لا يجوز لأن العطف يقتضي التشريك في العامل اللهم إلا أن تجعل العطف في " أن " وحدها وذلك قلق وإنما يتخرج على أن يقدر قوله { وأن أقيموا } بمعنى لنقيم ثم خرجت بلفظ الأمر لما في ذلك من جزالة اللفظ فجاز العطف على أن يلغى حكم اللفظ ويعول على المعنى ، ويشبه هذا من جهة " ما " ما حكاه يونس عن العرب : أدخلوا الأول فالأول بالنصب ، وقال الزجّاج أيضاً : يحتمل أن يكون { وأن أقيموا } معطوفاً على { ائتنا } [ الأنعام : 71 ] . قال القاضي أبو محمد : وفيه بعد ، والضمير في قوله { واتقوه } عائد على رب العالمين { وهو } ابتداء وما بعده وهو لفظ خبر يتضمن التنبيه والتخويف ، وقوله تعالى : { وهو الذي خلق } الآية ، { خلق } ابتدع وأخرج من العدم إلى الوجود ، و { بالحق } ، أي لم يخلقها باطلاً بغير معنى بل لمعان مفيدة ولحقائق بينة منها ما يحسه البشر من الاستدلال بها على الصانع ونزول الأرزاق وغير ذلك ، وقيل المعنى بأن حق له أن يفعل ذلك ، وقيل { بالحق } معناه بكلامه في قوله للمخلوقات { كن } وفي قوله : { ائتيا طوعاً أوكرهاً } [ فصّلت : 11 ] . قال القاضي أبو محمد : وتحرير القول إن المخلوقات إنما إيجادها بالقدرة لا بالكلام ، واقتران " كن " بحالة إيجاد المخلوق فائدته إظهار العزة والعظمة ونفوذ الأوامر وإعلان القصد ، ومثال ذلك في الشاهد أن يضرب إنسان شيئاً فيكسره ويقول في حال الكسر بلسانه : انكسر فإن ذلك إنفاذ عزم وإظهار قصد ، ولله المثل الأعلى ، لا تشبيه ولا حرف ولا صوت ولا تغير ، أمره واحدة كلمح البصر فكأن معنى الآية على هذا القول وهو الذي خلق السماوات والأرض بقوله { كن } المقترنة بالقدرة التي بها يقع إيجاد المخلوق بعد عدمه فعبر عن ذلك { بالحق } ، { ويوم يقول } نصب على الظرف وهو معلق بمعمول فعل مضمر ، تقديره : واذكر الخلق والإعادة يوم ، وتحتمل الآية مع هذا أن يكون معناها : واذكر الإعادة يوم يقول الله للأجساد كن معادة ، ثم يحتمل أن يتم الكلام هنا ثم يبدأ بإخبار أن يكون قوله الحق الذي كان في الدنيا إخباراً بالإعادة ، ويحتمل أن يكون تمام الكلام في قوله { فيكون } ويكون { قوله الحق } ابتداء وخبر أو على الاحتمال الذي قبل فـ { قوله } فاعل ، قال الزجّاج قوله { يوم } معطوف على الضمير من قوله { واتقوه } فالتقدير هنا على هذا القول واتقوا العقاب أو الأهوال والشدائد يوم ، وقيل : إن الكلام معطوف على قوله { خلق السماوات } والتقدير على هذا : وهو الذي خلق السماوات والأرض والمعادات إلى الحشر يوم ، ولا يجوز أن تعمل هذه الأفعال لا تقديرك اذكر ولا اتقوا ولا خلق في يوم لأن أسماء الزمان إذا بنيت مع الأفعال فلا يجوز أن تنصب إلا على الظرف ، ولا يجوز أن يتعلق { يوم } بقوله : { قوله الحق } لأن المصدر لا يعمل فيما تقدمه ، وقد أطلق قوم أن العامل اذكر أو خلق ، ويحتمل أن يريد بـ " يقول " معنى المضي كأنه قال : وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق يوم يقول بمعنى قال لها " كن " ، فـ { يوم } ظرف معطوف على موضع { قوله الحق } إذ هو في موضع نصب ، ويجيء تمام الكلام في قوله { فيكون } ، ويجيء { قوله الحق } ابتداء وخبراً ويحتمل أن يتم الكلام في { كن } ، ويبتدأ { فيكون قوله الحق } وتكون " يكون " تامة بمعنى يظهر ، و { الحق } صفة للقول و { قوله } فاعل ، وقرأ الحسن " قُوله " بضم القاف ، { وله الملك } ابتداء وخبر { يوم ينفخ في الصور } " يوم " بدل من الأولى على أن " يقول " مستقبل لا على تقدير مضيه ، وقيل : بل متعلق بما تضمن الملك من معنى الفعل أو بتقدير ثابت أو مستقر يوم ، و { في الصور } قال أبو عبيدة هو جمع صورة فالمعنى يوم تعاد العوالم , وقال الجمهور هو الصور القرن الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم إنه ينفخ فيه للصعق ثم للبعث ورجحه الطبري بقول النبي عليه السلام : " إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته ينظر متى يؤمر فينفخ " ، وقرأ الحسن " في الصوَر " بفتح الواو وهذه تؤيد التأويل الأول وحكاها عمرو بن عبيد عن عياض { عالم } رفع بإضمار مبتدأ وقيل نعت لـ { الذي } وقرأ الحسن والأعمش " عالمٍ " بالخفض على النعت للضمير الذي في { له } ، أو على البدل منه من قوله { له الملك } ، وقد رويت عن عاصم ، وقيل ارتفع " عالم " بفعل مضمر من لفظ الفعل المبني للمفعول تقديره ينفخ فيه عالم على ما أنشد سيبويه : [ الطويل ] @ لِيَبْكِ يزيدَ ضارعٌ لخصومةٍ وآخرُ مِمّنْ طَوّحَتْهُ الطَّوائِحُ @@ التقدير يبكيه ضارع ، وحكى الطبري هذا التأويل الذي يشبه ليبك يزيد عن ابن عباس ونظيرها من القرآن قراءة من قرأ { زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم } [ الأنعام : 137 ] بضم الزاي ورفع الشركاء وروي عن عبد الوارث عن أبي عمرو " يوم ننفخ في الصور " بنون العظمة ، و { الغيب والشهادة } معناه ما غاب عنا وما حضر ، وهذا يعم جميع الموجودات .