Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 27-28)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه المخاطبة لجميع العالم والمقصود بها في ذلك الوقت من كان يطوف من العرب بالبيت عراة ، فقيل كان ذلك من عادة قريش ، وقال قتادة والضحاك : كان ذلك من عادة قبيلة من اليمن ، وقيل كانت العرب تطوف عراة إلا الحمس وهم قريش ومن والاها . قال القاضي أبو محمد : وهذا هو الصحيح لأن قريشاً لما سنوا بعد عام الفيل سنناً عظموا بها حرمتهم كانت هذه من ذلك ، فكان العربي إما أن يعيره أحد من الحمس ثوباً فيطوف فيه ، وإما أن يطوف في ثيابه ثم يلقيها ، وتمادى الأمر حتى صار عند العرب قربة فكانت العرب تقول نطوف عراة كما خرجنا من بطون أمهاتنا ولا نطوف في ثياب قد تدنسنا فيها بالذنوب ، ومن طاف في ثيابه فكانت سنتهم كما ذكرنا أن يرمي تلك الثياب ولا ينتفع بها وتسمى تلك الثياب اللقى ، ومنه قول الشاعر : @ كفى حزناً كرّي عليه كأنه لقى بين أيدي الطائفين حريم @@ وكانت المرأة تطوف عريانة حتى كانت إحداهن تقول : @ اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله @@ فنهى الله عز وجل عن جميع ذلك ونودي بمكة في سنة تسع لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ، و " الفتنة " في هذه الآية الاستهواء والغلبة على النفس ، وظاهر قوله : { لا يفتننكم } نهي الشيطان ، والمعنى نهيهم أنفسهم عن الاستماع له والطاعة لأمره كما قالوا لا أرينك ها هنا ، فظاهر اللفظ نهي المتكلم نفسه ، ومعناه نهي الآخر عن الإقامة بحيث يراه ، وأضاف الإخراج في هذه الآية إلى إبليس وذلك تجوز بسبب أنه كان ساعياً في ذلك ومسبباً له ، ويقال أب وللأم أبة ، وعلى هذا قيل أبوان ، و { ينزع } في موضع الحال من الضمير في { أخرج } ، وتقدم الخلاف في " اللباس " من قول من قال الأظفار ومن قال النور ومن قال ثياب الجنة ، وقال مجاهد هي استعارة إنما أراد لبسة التقى المنزلة . قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف ، وقوله : { إنه يراكم } الآية ، زيادة في التحذير وإعلام أن الله عز وجل قد مكن الشيطان من ابن آدم في هذا القدر وبحسب ذلك يجب أن يكون التحذر بطاعة الله تعالى . قال القاضي أبو محمد : والشيطان موجود قد قررته الشريعة وهو جسم ، { وقبيله } يريد نوعه وصنفه وذريته . و { حيثُ } مبنية على الضم ، ومن العرب من يبنيها على الفتح ، وذلك لأنها تدل على موضع بعينه ، قال الزجاج : ما بعدها صلة لها وليست مضافة إليه ، قال أبو علي : هذا غير مستقيم وليست { حيث } بموصولة إذ ليس ثم عائد كما في الموصولات ، وهي مضافة إلى ما بعدها . ثم أخبر عز وجل أنه صير " الشياطين أولياء " أي صحابة ومداخلين إلى الكفرة الذين لا إيمان لهم ، وذكر الزهراوي أن جعل هنا بمعنى وصف . قال القاضي أبو محمد : وهي نزعة اعتزالية . وقوله { وإذا فعلوا } وما بعده داخل في صفة الذين لا يؤمنون ليقع التوبيخ بصفة قوم جعلوا مثالاً للموبخين إذا أشبه فعلهم فعل الممثل بهم ، ويصح أن تكون هذه الآية مقطوعة من التي قبلها ابتداء إخبار عن كفار العرب ، و " الفاحشة " في هذه الآية وإن كان اللفظ عاماً هي كشف العورة عند الطواف فقد روي عن الزهري أنه قال : إن في ذلك نزلت هذه الآية ، وقاله ابن عباس ومجاهد ، وكان قول بعض الكفار إن الله أمر بهذه السنن التي لنا وشرعها ، فرد الله عليهم بقوله { قل إن الله لا يأمربالفحشاء } ثم وبخهم على كذبهم ووقفهم على قولهم ما لا علم لهم به ولا رواية لهم فيه بل هو دعوى واختلاق .