Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 1-10)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف القراء في { المدثر } على نحو ما ذكرناه في { المزمل } [ المزمل : 1 ] ، وفي حرف أبيّ بن كعب { المدثر } ومعناه المتدثر بثيابه ، و " الدثار " ، ما يتغطى الإنسان به من الثياب ، واختلف الناس لم ناداه بـ { المدثر } ، فقال جمهور المفسرين بما ورد في البخاري من أنه لما فرغ من رؤية جبريل على كرسي بين السماء والأرض فرعب منه ورجع إلى خديجة فقال : زملوني زملوني نزلت { يا أيها المدثر } ، وقال النخعي وقتادة وعائشة نودي وهو في حال تدثر فدعي بحال من أحواله . وروي أنه كان يدثر في قطيفة . وقال آخرون : معناه أيها النائم . وقال عكرمة معناه { يا أيها المدثر } للنبوة وأثقالها ، واختلف الناس في أول ما نزل من كتاب الله تعالى فقال جابر بن عبد الله وأبو سلمة والنخعي ومجاهد هو { يا أيها المدثر } الآيات . وقال الزهري والجمهور هو { اقرأ باسم ربك الذي خلق } [ العلق : 1 ] وهذا هو الأصح . وحديث صدر كتاب البخاري نص في ذلك . وقوله تعالى : { قم فأنذر } بعثة عامة إلى جميع الخلق . قال قتادة ، المعنى أنذر عذاب الله ووقائعه بالأمم ، وقوله تعالى : { وربك فكبر } معناه عظمه بالعبادة وبث شرعه . وروي عن أبي هريرة أن بعض المؤمنين قال : بم نفتتح صلاتنا ؟ فنزلت { وربك فكبر } . واختلف المتأولون في معنى قوله { وثيابك فطهر } ، فقال ابن سيرين وابن زيد بن أسلم والشافعي وجماعة : هو أمر بتطهير الثياب حقيقة ، وذهب الشافعي وغيره من هذه الآية إلى وجوب غسل النجاسات من الثياب ، وقال الجمهور : هذه الألفاظ استعارة في تنقية الأفعال والنفس والعرض ، وهذا كما تقول فلان طاهر الثوب ، ويقال للفاجر دنس الثوب ، ومنه قول الشاعر [ غيلان بن سلمة الثقفي ] : [ الطويل ] @ وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من خزية أتقنع @@ وقال الآخر : [ الرجز ] @ لاهـم إن عامـر ابن جهـم أوذم حجّاً في ثياب دهم @@ أي دنسه . وقال ابن عباس والضحاك وغيره ، المعنى لا تلبسها على غدرة ولا فجور ، وقال ابن عباس : المعنى لا تلبسها من مكسب خبيث ، وقال النخعي : المعنى طهرها من الذنوب ، وهذا كله معنى قريب بعضه من بعض ، وقال طاوس : المعنى قصرها وشمرها ، فذلك طهرة للثياب . وقرأ جمهور الناس " والرِّجز " بكسر الراء ، وقرأ حفص عن عاصم والحسن ومجاهد وأبو جعفر وشيبة وأبو عبد الرحمن والنخعي وابن وثاب وقتادة وابن أبي إسحاق والأعرج : و " الرُّجز " بضم الراء . فقيل هما بمعنى يراد بهما الأصنام والأوثان ، وقيل هما لمعنيين الكسر للنتن والتقابض وفجور الكفار والضم لصنمين : " إساف ونائلة " ، قاله قتادة . وقيل للأصنام عموماً ، قاله مجاهد وعكرمة والزهري . وقال ابن عباس { الرجز } السخط ، فالمعنى اهجر ما يؤدي إليه ويوجبه ، وقال الحسن : كل معصية رجز ، وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية بالأوثان . واختلف المتأولون في معنى قوله تعالى : { ولا تمنن تستكثر } . فقال ابن عباس وجماعة معه : لا تعط عطاء لتعطى أكثر منه ، فكأنه من قولهم ، من إذا أعطى ، قال الضحاك ، وهذا خاص بالنبي عليه السلام ، ومباح لأمته لكن لا أجر لهم فيه . قال مكي : وهذا معنى قوله تعالى : { وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله } [ الروم : 39 ] ، وهذا معنى أجنبي من معنى هذه السورة . وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال : { ولا تمنن تستكثر } لا تقل دعوت فلم أجب وروى قتادة أن المعنى لا تدل بعملك ، ففي هذا التأويل تحريض على الجد وتخويف ، وقال ابن زيد : معناه { ولا تمنن } على الناس بنبوءتك { تستكثر } بأجر أو بكسب تطلبه منهم . وقال الحسن بن أبي الحسن : معناه { ولا تمنن } على الله بجدك { تستكثر } أعمالك ويقع لك بها إعجاب ، فهذه كلها من المن الذي هو تعديد اليد وذكرها . وقال مجاهد : معناه ولا تضعف { تستكثر } ما حملناك من أعباء الرسالة وتستكثر من الخير ، فهذه من قولهم حبل منين أي ضعيف ، وفي قراءة ابن مسعود : " ولا تمنن أن تستكثر " ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : " تستكثرْ " بجزم الراء ، وذلك كأنه قال لا تستكثر ، وقرأ الأعمش : " تستكثرَ " بنصب الراء ، وذلك على تقدير أن مضمرة وضعف أبو حاتم الجزم ، وقرأ ابن أبي عبلة : " ولا تمنن فتستكثرْ " بالفاء العاطفة والجزم ، وقرأ أبو السمال : " ولا تمنّ " بنون واحدة مشددة . { ولربك فاصبر } ، أي لوجه ربك وطلب رضاه كما تقول فعلت لله تعالى ، والمعنى على الأدنى من الكفار وعلى العبادة وعن السهوات وعلى تكاليف النبوة ، قال ابن زيد وعلى حرب الأحمر والأسود لقد حمل أمراً عظيماً . و { الناقور } الذي ينفخ فيه وهو الصور ، قاله ابن عباس وعكرمة . وقال خفاف بن ندبة : [ الوافر ] @ إذا ناقورهم يوماً تبدى أجاب الناس من غرب وشرق @@ وهو فاعول من النقر ، وقال أبو حباب : أمنا زرارة بن أوفى فلما بلغ في الناقور خر ميتاً . وروي " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر بالنفخ " ففزع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : كيف نقول يا رسول الله ؟ قال : " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا " . " و { يوم عسير } معناه في عسر في الأمور الجارية على الكفار فوصف اليوم بالعسر لكونه ظرف زمان له . وكذلك تجيء صفته باليسر . وقرأ الحسن " عسر " بغير ياء .