Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 1-16)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أصل { عم } " عن ما " ، ثم أدغمت النون بعد قلبها فبقي " عما " في الخبر والاستفهام ، ثم حذفوا الألف في الاستفهام فرقاً بينه وبين الخبر ، ثم من العرب من يخفف الميم تخفيفاً فيقول : " عم " ، وهذا الاستفهام بـ { عم } هو استفهام توقيف وتعجب منهم ، وقرأ أبيّ بن كعب وابن مسعود وعكرمة وعيسى : " عما " بالألف ، وقرأ الضحاك : " عمه " بهاء ، وهذا إنما يكون عند الوقف . و { النبإ العظيم } قال ابن عباس وقتادة هو الشرع الذي جاء به محمد ، وقاله مجاهد وقتادة : هو القرآن خاصة ، وقال قتادة أيضاً : هو البعث من القبور ، ويحتمل الضمير في { يتساءلون } أن يريد جميع العالم فيكون الاختلاف حينئذ يراد به تصديق المؤمنين وتكذيب الكافرين ونزغات الملحدين ، ويحتمل أن يراد بالضمير الكفار من قريش ، فيكون الاختلاف شك بعض وتكذيب بعض . وقولهم سحر وكهانة وشعر وجنون وغير ذلك ، وقال أكثر النحاة قوله : { عن النبإ العظيم } ، متعلق بـ { يتساءلون } الظاهر كأنه قال : لم يتساءلون عن هذا النبأ ، وقال الزجاج : الكلام تام في قوله : { عم يتساءلون } ثم كان مقتضى القول أن يجيب مجيب فيقول : يتساءلون { عن النبإ العظيم } ، فاقتضى إيجاز القرآن وبلاغته أن يبادر المحتج بالجواب الذي تقتضيه الحال والمجاورة اقتضاباً للحجة وإسراعاً إلى موضع قطعهم ، وهذا نحو قوله تعالى : { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد } [ الأنعام : 19 ] وأمثلة كثيرة ، وقد وقع التنبيه عليها في مواضعها ، وقرأ السبعة والحسن وأبو جعفر وشيبة والأعمش : " كلا سيعلمون " بالياء في الموضعين على ذكر الغائب ، فظاهر الكلام أنه رد على الكفار في تكذيبهم وعيد لهم في المستقبل وكرر الزجر تأكيداً ، وقال الضحاك المعنى : { كلا سيلعمون } يعني الكفار على جهة الوعيد ، { ثم كلا سيعلمون } : يعني المؤمنين على جهة الوعد ، وقرأ ابن عامر فيما روى عنه مالك بن دينار والحسن بخلاف : " كلا ستعلمون " بالتاء في الموضعين على مخاطبة الحاضر كأنه تعالى يقول : قل لهم يا محمد وكرر عليهم الزجر والوعيد تأكيداً وكل تأويل في هذه القراءة غير هذا فمتعسف وقرأ … " كلا سيعلمون " بالياء على جهة الرد والوعيد للكفار ، " ثم كلا ستعلمون " بالتاء من فوق على جهة الرد على الكفار والوعد والمؤمنين . والعلم في هذه الآية بمعنى ستعرفون ، فلذلك لم يتعد ، ثم وقفهم تعالى على آياته وغرائب مخلوقاته وقدرته التي يوجب النظر فيها الإقرار بالبعث والإيمان بالله تعالى . و " المهاد " : الفراش الممهد الوطيء وكذلك الأرض لبنيتها ، وقرأ مجاهد وعيسى وبعض الكوفيين " مهداً " ، والمعنى نحو الأول ، وشبه { الجبال } بـ " الأوتاد " لأنها تمسك وتثقل وتمنع الأرض أن تميد ، و { أزواجاً } معناه أنواعاً في ألوانكم وصوركم وألسنتكم ، وقال الزجاج وغيره معناه مزدوجين ذكراً وأنثى ، و " السبات " : السكون ، وسبت الرجل معناه استراح واتدع وترك الشغل ، ومنه السبات وهي علة معروفة سميت بذلك لأن السكون والسكوت أفرط على الإنسان حتى صار ضاراً قاتلاً ، والنوم شبيه به إلا في الضرر ، وقال أبو عبيدة : { سباتاً } قطعاً للأعمال والتصرف ، والسبت : القطع ومنه سبت الرجل رأسه إذا قطع شعره ، ومنه النعال السبتية وهي التي قطع عنها الشعر ، و { لباساً } مصدر ، وكان الميل كذلك من حيث يغشي الأشخاص ، فهي تلبسه وتتدرعه ، وقال بعض المتأولين : جعله { لباساً } لأنه يطمس نور الأبصار ويلبس عليها الأشياء والتصريف يضعف هذا القول ، لأنه كان يجب أن يكون ملبساً ، ولا يقال { لباساً } إلا من لبس الثياب { والنهار معاشاً } على حذف مضاف أو على النسب ، وهذا كما تقول ليل نائم ، و " السبع الشداد " : السموات ، والأفصح في لفظة السماء التأنيث ووصفها بالشدة ، لأنه لا يسرع إليها فساد لوثاقتها ، و " السراج " : الشمس ، و " الوهاج " : الحار المضطرم الاتقاد المتعالي اللهب ، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : إن الشمس في السماء الرابعة إلينا طهرها ولهبها مضطرم علواً ، واختلف الناس في { المعصرات } ، فقال الحسن بن أبي الحسن وأبيّ بن كعب وابن جبير وزيد بن أسلم ومقاتل وقتادة : هي السموات ، وقال ابن عباس وأبو العالية والربيع والضحاك : { المعصرات } السحاب القاطرة ، وهو مأخوذ من العصر ، لأن السحاب ينعصر فيخرج منه الماء وهذا قول الجمهور وبه فسر عبيد الله بن الحسن بن محمد العنبري القاضي بيت حسان : [ الكامل ] @ كلتاهما حلب العصير @@ وقال بعض من سميت هي السحاب التي فيها الماء تمطر كالمرأة المعصر وهي التي دنا حيضها ولم تحض بعد ، وقال ابن الكيسان : قيل : للسحاب معصرات من حيث تغيث فهي من المعصرة ومنه قوله تعالى : { وفيه يعصرون } [ يوسف : 49 ] قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : { المعصرات } الرياح ، لأنها تعصر السحاب ، وقرأ ابن الزبير وابن عباس والفضل بن عباس وقتادة وعكرمة : " وأنزلنا بالمعصرات " فهذا يقول أنه أراد الرياح ، و " الثجاج " : السريع الاندفاع كما يندفع الدم عن عروق الذبيحة ، ومنه " قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد قيل له : ما أفضل الحج ؟ قال : " العج والثج " أراد التضرع إلى الله بالدعاء الجهير وذبح الهدي ، و " الحب " : جنس الحبوب الذي ينتفع به الحيوان ، و " النبات " : العشب الذي يستعمل رطباً لإنسان أو بهيمة ، فذكر الله تعالى موضع المنفعتين و { ألفافاً } جمع لُف بضم اللام ، ولف جمع لفاء . والمعنى ملتفات الأغصان والأوراق ، وذلك موجود مع النضرة والري ، وقال جمهور اللغويين { ألفافاً } جمع لِفّ بكسر اللام ، واللف : الجنة الملتفة بالأغصان ، وقال الكسائي : { ألفافاً } ، جمع لفيف . وقد قال الشاعر : [ الطويل ]