Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 43-44)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المهدوي { إذ } نصب بتقدير واذكر . قال القاضي أبو محمد : أو بدل من { إذ } المتقدمة وهو أحسن ، وتظاهرت الروايات أن هذه الآية نزلت في رؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى فيها عدد الكفار قليلاً فأخبر بذلك أصحابه فقويت نفوسهم وحرضوا على اللقاء ، فهذا معنى قوله { في منامك } أي في نومك قاله مجاهد وغيره . وروي عن الحسن أن معنى قوله { في منامك } أي في عينك إذ هي موضع النوم ، وعلى هذا التأويل تكون الرواية في اليقظة . قال القاضي أبو محمد : وهذا القول ضعيف ، وعليه فسر النقاش وذكره عن المازني ، والضمير على التأويلين من قوله { يريكهم } عائد على الكفار من أهل مكة ، ومما يضعف ما روي عن الحسن أن معنى هذه الآية يتكرر في التي بعدها لأن النبي صلى الله عليه وسلم مخاطب في الثانية أيضاً ، وقد تظاهرت الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم ، انتبه وقال لأصحابه " أبشروا فلقد نظرت إلى مصارع القوم " ونحو هذا ، وقد كان علم أنهم ما بين التسعمائة إلى الألف ، فكيف يراهم ببصره بخلاف ما علم ، والظاهر أنه رآهم في نومه قليلاً قدرهم وحالهم وبأسهم مهزومين مصروعين ، ويحتمل أنه رآهم قليلاً عددهم ، فكان تأويل رؤياه انهزامهم ، فالقلة والكثرة على الظاهر مستعارة في غير العدد ، كما قالوا : المرء كثير بأخيه ، إلى غير ذلك من الأمثلة ، والفشل الخور عن الأمر ، إما بعد التلبس وإما بعد العزم على التلبس و { لتنازعتم } أي لتخالفتم و { في الأمر } يريد في اللقاء والحرب و { سلم } لفظ يعم كل متخوف اتصل بالأمر أو عرض في وجهه فسلم الله من ذلك كله ، وعبر بعض الناس أن قال " سلم لكم أمركم " ونحو هذا مما يندرج فيما ذكرناه وقوله { إنه عليم بذات الصدور } أي بإيمانكم وكفركم مجاز بحسب ذلك ، وقرأ الجمهور من الناس " ولكنَّ الله سلم " بشد النون ونصب المكتوبة وقرأت فرقة " ولكن اللهُ " برفع المكتوبة ، وقوله { وإذ يريكموهم إذا التقيتم } الآية ، { وإذ } عطف على الأولى ، وهذه الرؤية هي في اليقظة بإجماع ، وهي الرؤية التي كانت حين التقوا ووقعت العين على العين ، والمعنى أن الله تعالى لما أراد من إنفاذ قضائه في نصرة الإسلام وإظهاره قلل كل طائفة في عيون الأخرى ، فوقع الخلل في التخمين والحزر الذي يستعمله الناس في هذا التجسد كل طائفة على الأخرى وتتسبب أسباب الحرب ، وروي في هذا عن عبد الله بن مسعود أنه قال : لقد قلت ذلك اليوم لرجل إلى جنبي أتظنهم سبعين ؟ قال بل هم مائة ، قال فلما هزمناهم أسرنا منهم رجلاً فقلنا كم كنتم ؟ قال ألفاً . قال القاضي أبو محمد : ويرد على هذا المعنى في التقليل ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأل عما ينحرون كل يوم ، فأخبر أنهم يوماً عشراً ويوماً تسعاً ، قال هم ما بين التسعمائة إلى الألف ، فإما أن عبد الله ومن جرى مجراه لم يعلم بمقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإما أن نفرض التقليل الذي في الآية تقليل القدر والمهابة والمنزلة من النجدة ، وتقدم في مثل قوله { ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } والأمر المفعول المذكور في الآيتين هو للقصة بأجمعها ، وذهب بعض الناس إلى أنهما لمعنيين من معاني القصة والعموم أولى ، وقوله { وإلى الله ترجع الأمور } تنبيه على أن الحول بأجمعه لله وأن كل أمر فله وإليه ، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر والأعمش " تَرجِع " بفتح التاء وكسر الجيم ، قال أبو حاتم : وهي قراءة عامة الناس ، وقرأ الأعرج وابن كثير وأبو عمرو ونافع وغيرهم " تُرجَع " بضم التاء وفتح الجيم .