Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-11)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال بعض المفسرين : { هل } بمعنى قد ، وقال الحذاق : هي على بابها توقيف ، فائدته تحريك نفس السامع إلى تلقي الخبر ، وقيل المعنى هل كان هذا من علمك لولا ما علمناك ، ففي هذا التأويل تعديد النعمة . و { الغاشية } القيامة لأنها تغشى العالم كله بهولها وتغييرها لبنيته ، قاله سفيان وجمهور من المتأولين ، وقال ابن جبير ومحمد بن كعب : { الغاشية } النار ، وقد قال تعالى { وتغشى وجوههم النار } [ إبراهيم : 50 ] ، وقال : { ومن فوقهم غواش } [ الأعراف : 41 ] فهي تغشى سكانها والقول الأول يؤيده قوله تعالى : { وجوه يومئذ } ، والوجوه الخاشعة ، وجوه الكفار وخشوعها ذلها وتغيرها بالعذاب ، واختلف الناس في قوله تعالى : { عاملة ناصبة } فيها والنصب ، التعب ، لأنها تكبرت عن العمل لله في الدنيا فأعملها في الآخرة في ناره ، وقال عكرمة والسدي : المعنى : { عاملة } في الدنيا { ناصبة } يوم القيامة ، فالعمل على هذا هو مساعي الدنيا ، وقال ابن عباس وزيد بن أسلم وابن جبير : المعنى : هي { عاملة } في الدنيا { ناصبة } فيها لأنها على غير هدى ، فلا ثمرة لعملها إلا النصب وخاتمته النار . قالوا : والآية في القسيسين وعبدة الأوثان وكل مجتهد في كفر ، وقد ذهب هذا المذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تأويل الآية ، وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهداً ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر القدرية فبكى ، وقال إن فيهم المجتهد ، وقرأ ابن كثير في رواية شبل وابن محيصن : " عاملةً ناصبةً " بالنصب على الذم ، والناصب فعل مضمر تقديره أذم أو أغني ونحو هذا ، وقرأ الستة وحفص عن عاصم والأعرج وطلحة وأبو جعفر والحسن : " تَصْلى " بفتح التاء وسكون الصاد على بناء الفعل للفاعل ، أي الوجوه ، وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن وابن محيصن ، واختلف عن نافع وعن الأعرج " تُصْلى " بضم التاء وسكون الصاد ، وذلك يحتمل أن يكون من صليته النار على معنى أصليته ، فيكون كتضرب ، ويحتمل أن يكون من أصليت ، فتكون كتكرم ، وقرأ بعض الناس : " تُصَلّى " بضم التاء وفتح الصاد وشد اللام على التعدية بالتضعيف ، حكاها أبو عمرو بن العلاء ، و " الحامية " ، المتوقدة المتوهجة ، و " الآنية " : التي قد انتهى حرها كما قال تعالى { وبين حميم آن } [ الرحمن : 44 ] ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد ، وقال ابن زيد : معنى { آنية } : حاضرة لهم من قولك آن الشيء إذا حضر ، واختلف الناس في " الضريع " ، فقال الحسن وجماعة من المفسرين : هو الزقوم ، لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم { إلا من ضريع } ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم ، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم ، وقاله سعيد بن جبير " الضريع " : الحجارة ، وقال مجاهد وابن عباس وقتادة وعكرمة : " الضريع " شبرق النار ، وقال أبو حنيفة : " الضريع " الشبرق وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحماً ولا لحماً ، ومنه قول أبي عيزارة الهذلي : [ الطويل ] @ وحبسْنَ في هزم الضريع فكلها جرباء دامية اليدين حرود @@ وقال أبو ذؤيب : @ رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعاً بان منه الخائض @@ وقيل " الضريع " : العشرق ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الضريع " : شوك في النار " ، وقال بعض اللغويين : " الضريع " يبيس العرفج إذا تحطم ، وقال آخرون : هو رطب العرفج ، وقال الزجاج : هو نبت كالعوسج ، وقال بعض المفسرين : " الضريع " نبت في البحر أخضر منتن مجوف مستطيل له بورقية كثيرة ، وقال ابن عباس : " الضريع " : شجر من نار ، وكل من ذكر شيئاً مما ذكرناه فإنما يعني أن ذلك من نار ولا بد ، وكل ما في النار فهو نار . وقال قوم : { ضريع } واد في جهنم ، وقال جماعة من المتأولين : " الضريع " طعام أهل النار ولم يرد أن يخصص شيئاً مما ذكرنا ، وقال بعض اللغويين : وهذا لا تعرفه العرب ، وقيل : " الضريع " : الجلدة التي على العظم تحت اللحم ، ولا أعرف من تأول الآية بهذا ، وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة ، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة ، واختلف في المعنى الذي سمي ضريعاً فقيل هو ضريع بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل ، ومنه " قول النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جعفر بن أبي طالب : " ما لي أراهما ضارعين " ؟ يريد هزيلين ، ومن فعيل بمعنى مفعل قول عمرو بن معد يكرب : [ الوافر ] @ أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع @@ يريد السمع ، وقيل { ضريع } فعيل من المضارعة ، أي الاشتباه لأنه يشبه المرعى الجيد ويضارعه في الظاهر وليس به . ولما ذكر تعالى وجوه أهل النار ، عقب ذلك بذكره وجوه أهل الجنة ليبين الفرق ، وقوله تعالى : { لسعيها } يريد لعملها في الدنيا وطاعتها ، والمعنى لثواب سعيها والتنعيم عليه ، ووصف الجنة بالعلو وذلك يصح من جهة المسافة والمكان ومن جهة المكانة والمنزلة أيضاً ، وقرأ نافع وحده وابن كثير وأبو عمرو بخلاف عنهما والأعرج وأهل مكة والمدينة " لا تسمع فيها لاغية " أي ذات لغو ، فهي على النسب ، وفسره بعضهم على معنى لا تسمع فيها فئة أو جماعة لاغية ناطقة بسوء . قال أبو عبيدة : { لاغية } ؛ مصدر كالعاقبة والخائنة ، وقرأ الجحدري " لا تُسمع " بضم التاء ، " لاغيةً " بالنصب ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : " لا يُسمع " بالياء من تحت مضمومة " لاغيةٌ " بالرفع ، وهي قراءة ابن محيصن وعيسى والجحدري أيضاً . إلا أنه قرأ " لاغيةً " بالنصب على معنى لا يسمع أحد كلمة لاغية من قولك أسمعت زيداً . وقرأ الباقون ونافع في رواية خارجة والحسن وأبو رجاء وأبو جعفر وقتادة وابن سيرين وأبو عمرو بخلاف عنه " لا تَسمع " بفتح التاء ونصب " لاغيةً " والمعنى إما على الكلمة وإما على الفئة ، والفاعل بـ " تسمع " إما الوجوه وإما محمد صلى الله عليه وسلم قاله الحسن وإنما أنت أيها المخاطب عموماً ، واللغو سقط القول ، فذلك يجمع الفحش وسائر الكلام السفساف الناقص وليس في الجنة نقصان ولا عيب في فعل ولا قول , والحمد لله ولي النعمة .