Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 20-23)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما حكم الله تعالى في الآية المتقدمة بأن الصنفين لا يستوون بين ذلك في هذه الآية الأخيرة وأوضحه ، فعدد الإيمان والهجرة والجهاد بالمال والنفس ، وحكم أن أهل هذه الخصال { أعظم درجة عند الله } من جميع الخلق ، ثم حكم لهم بالفوز برحمته ورضوانه ، والفوز بلوغ البغية إما في نيل رغبته أو نجاة من مهلكة ، وينظر إلى معنى هذه الآية الحديث الذي جاء " دعوا لي أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " . قال القاضي أبو محمد : لأن أصحاب هذه الخصال على سيوفهم انبنى الإسلام وهم ردوا الناس إلى الشرع ، وقوله تعالى : { يبشرهم ربهم } الآية ، هذه آية وعد ، وقراءة الناس " يُبَشِّرهم " بضم الياء وكسر الشين المشددة ، وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف وحميد بن هلال " يَبْشُرهم " بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين خفيفة ، وأسند الطبري إلى جابر بن عبد الله أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله عز وجل أعطيتكم أفضل من هذا ، فيقولون ربنا أي شيء أفضل من هذا ؟ قال : رضواني " ، وفي البخاري في كتاب السنة منه " فلا أسخط عليكم أبداً " ، وقرأ الجمهور " ورِضوان " بكسر الراء ، وقرأ عاصم وعمرو " ورُضوان " بضم الراء وقرأ الأعمش بضم الراء والضاد جميعاً ، قال أبو حاتم لا يجوز هذا وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم } الآية ، ظاهر هذه المخاطبة أنها لجميع المؤمنين كافة ، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة ، وروت فرقة أن هذه الآية إنما نزلت في الحض على الهجرة ورفض بلاد الكفر ، فالمخاطبة على هذا هي للمؤمنين الذين كانوا في مكة وغيرها من بلاد العرب خوطبوا بأن لا يوالوا الآباء والإخوة فيكونون لهم تبعاً في سكنى بلاد الكفر ، ولم يذكر الأبناء في هذه الآية إذ الأغلب من البشر أن الأبناء هم التبع للآباء و " إخوان " هذه الآية جمع أخ النسب ، وكذلك هو في قوله تعالى : { أو بيوت إخوانكم } [ النور : 61 ] وقرأ عيسى بن عمر " أن استحبوا " بفتح الألف من " أن " وقرأ الجمهور " إن بكسر الألف على الشرط ، و { استحبوا } متضمنة معنى فضلوا وآثروا ولذلك تعدت بـ " على " ثم حكم الله عز وجل بأن من والاهم واتبعهم في أغراضهم فإنه ظالم أي واضع للشيء غير موضعه ، وهذا ظلم المعصية لا ظلم الكفر .