Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 104, Ayat: 1-9)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ويل لكل هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } اختلفوا في الهُمَزَة واللُّمَزَة هل هما بمعنى واحد ، أم مختلفان ؟ على قولين . أحدهما : أنهما مختلفان . ثم فيهما سبعة أقوال . أحدها : أن الهُمَزَة : المُغْتَاب ، واللُّمَزَة : العيَّاب ، قاله ابن عباس . والثاني : أن الهُمَزَة : الذي يهمز الإنسان في وجهه . واللُّمَزَة : يَِلْمِزُه إذا أدبر عنه ، قاله الحسن ، وعطاء ، وأبو العالية . والثالث : أن الهُمَزَة : الطعَّان في الناس ، واللُّمَزَة : الطعَّان في أنساب الناس ، قاله مجاهد . والرابع : أن الهُمَزَة : بالعين ، واللُّمَزَة : باللسان ، قاله قتادة . والخامس : أن الهُمَزَة : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، واللُّمَزَة : الذي يَلْمِزهم بلسانه ، قاله ابن زيد . والسادس : أن الهُمَزَة : الذي يهمز بلسانه ، واللُّمَزَة : الذي يلمز بعينه ، قاله سفيان الثوري . والسابع : أن الهُمَزَة : المغتاب ، واللُّمَزَة : الطاعن على الإنسان في وجهه ، قاله مقاتل . والقول الثاني : أن الهُمَزَة : العَيَّاب الطعان ، واللُّمَزَة مثله . وأصل الهمز واللمز : الدفع ، قاله ابن قتيبة ، وكذلك قال الزجاج : الهُمَزَة اللُّمَزَة : الذي يغتاب الناس ويَغُضُّهم . قال الشاعر : @ إذا لَقِيتُكَ عَنْ كُرْهٍ تُكَاشِرُني وإن تَغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ @@ قوله تعالى : { الذي جمع مالاً } قرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ، وروح « جَمَّع » بالتشديد . والباقون بالتخفيف . قوله تعالى : { وَعَدَّده } قرأ الجمهور بتشديد الدال . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، والحسن ، وابن يعمر بتخفيفها . وللمفسرين في معنى الكلام قولان . أحدهما : أحصى عَدَدَه ، قاله السدي . والثاني : أَعَدَّه لما يكفيه في السِّنين ، قاله عكرمة . قال الزجاج : من قرأ « عدَّده » بالتشديد ، فمعناه : عدَّده للدهور . ومن قرأ « عَدَدَه » بالتخفيف ، فمعناه : جمع مالاً وَعَدَداً . أي : وقوماً اتخذهم أنصاراً . قوله تعالى : { يحسب أنَّ ماله أخلده } أخلده بمعنى يخلده ، والمعنى : يظن ماله مانعاً له من الموت ، فهو يعمل عمل من لا يظن أنه يموت { كلا } أي : لا يخلده ماله ولا يبقى له { ليُنْبَذَنَّ } أي : ليُطْرَحَنَّ { في الحطمة } وهو اسم من أسماء جهنم . سميت بذلك لأنها تحطم ما يُلقى فيها ، أي : تكسره ، فهي تكسر العظم بعد أكلها اللحم . ويقال للرجل الأكول : إنه لَحُطَمة . وقرأ أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وأبو عبد الرحمن ، والحسن ، وابن أبي عبلة ، وابن محيصن ، « لينبذانِّ » بألف ممدودة ، وبكسر النون ، وتشديدها ، أي : هو وماله . قوله تعالى : { التي تَطَّلع على الأفئدة } أي : تأكل اللحم والجلود حتى تقع على الأفئدة فتحرقها ، قال الفراء : يبلغ ألمها الأفئدةَ . والاطِّلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد ، والعرب تقول : متى طلعَت أرضنا ؟ أي : بلغتَ . وقال ابن قتيبة : تَطَّلع على الأفئدة ، أي : توفي عليها وتشرف . وخص الأفئدة ، لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه ، فأخبر أنهم في حال من يموت ، وهم لا يموتون . وقد ذكرنا تفسير « المؤصدة » في سورة [ البلد : 20 ] . قوله تعالى : { في عَمَدٍ } قرأ حمزة ، وخلف ، والكسائي ، وعاصم إلا حفصاً بضم العين ، وإسكان الميم . قال المفسرون : وهي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار . و « في » بمعنى الباء . والمعنى : مطبَقة بعُمُدٍ . قال قتادة : وكذلك هو في قراءة عبد الله . وقال مقاتل : أُطبقت الأبواب عليهم ، ثم شُدَّت بأوتادٍ من حديد ، حتى يرجع عليهم غَمُّها وحَرُّها . و « ممدَّدة » صفة العُمُد ، أي : أنها ممدودة مطوّلة ، وهي أرسخ من القصيرة . وقال قتادة : هي عُمُدٌ يعذَّبون بها في النار . وقال أبو صالح : « في عَمَدٍ مُمَدَّدة » قال : القيود الطوال .