Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 114-114)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وأقم الصلاة طرفي النهار } أما سبب نزولها ، فروى علقمة والأسود عن ابن مسعود أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إِني أخذت امرأة في البستان فقبَّلتها ، وضممتُها ، إِليَّ وباشرتُها ، وفعلتُ بها كل شيء ، غير أني لم أجامعها ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى { وأقم الصلاة طرفي النهار … } الآية ، فدعا الرجل فقرأها عليه ، فقال عمر : أهي له خاصَّة ، أم للناس كافَّة ؟ قال : « لا ، بل للناس كافة » . وفي رواية أخرى عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ، فأتى رسول الله ، فذكر ذلك له ، فنزلت هذه الآية ، فقال الرجل : أليَ هذه الآية ؟ فقال : « لمن عمل بها من أمتي » وقال معاذ بن جبل : كنت قاعداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل ، فقال : يا رسول الله ، ما تقول في رجل أصاب من امرأة مالا يحل له ، فلم يدَع شيئاً يصيبه الرجل من امرأته إِلا أصابه منها ، غير أنه لم يجامعها ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " توضأ وضوءاً حسناً ، ثم قم فصلِّ " . فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال معاذ : أهي له خاصة ، أم للمسلمين عامة ؟ فقال : « بل هي للمسلمين عامة » . واختلفوا في اسم هذا الرجل ، فقال أبو صالح عن ابن عباس : هو عمرو بن غزيّة الأنصاري ، وفيه نزلت هذه الآية ، كان يبيع التمر ، فأتته امرأة تبتاع منه تمراً ، فأعجبته ، فقال : إِن في البيت تمراً أجود من هذا ، فانطلقي معي حتى أعطيك منه ؛ فذكر نحو حديث معاذ وقال مقاتل : هو أبو مقبل عامر بن قيس الأنصاري . وذكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ أنه أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري . وذُكر في الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم ، أله خاصة ؟ ثلاثة أقوال : أحدها : أنه أبو اليسر صاحب القصة . والثاني : معاذ بن جبل . والثالث : عمر بن الخطاب . فأما التفسير ، فقوله : { وأقم الصلاة } أي : أتم ركوعها وسجودها . فأما طرفا النهار ، ففي الطرف الأول قولان : أحدهما : أنه صلاة الفجر ، قاله الجمهور . والثاني : أنه الظهر ، حكاه ابن جرير . وفي الطرف الثاني ثلاثة أقوال : أحدها : أنه صلاة المغرب ، قاله ابن عباس ، وابن زيد . والثاني : العصر ، قاله قتادة . وعن الحسن كالقولين . والثالث : الظهر ، والعصر ، قاله مجاهد ، والقرظي . وعن الضحاك كالأقوال الثلاثة . قوله تعالى : { وزُلَفاً من الليل } وقرأ أبو جعفر ، وشيبة « و زُلُفاً » بضم اللام . قال أبو عبيدة : الزُلَف : الساعات ، واحدها : زُلْفَة ، أي : ساعة ومنزلة وقربة ، ومنه سميت المزدلفة ، قال العجّاج : @ ناجٍ طواه الأينُ مما أوجفا طَيَّ اللَّيَالي زُلَفاً فزُلَفا سَماوَةَ الهِلاَل حَتَّى احْقَوْقَفَا @@ قال ابن قتيبة : ومنه يقال : أزلفني كذا عندك ، أي : أدناني ؛ والمزالف : المنازل والدَّرَج ، وكذلك الزُّلَف . وفيها للمفسرين قولان : أحدهما : أنها صلاة العتمة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وعوف عن الحسن ، وابن أبي نجيح عن مجاهد ، وبه قال ابن زيد . والثاني : أنها صلاة المغرب والعشاء ، روي عن ابن عباس أيضاً ، ورواه يونس عن الحسن ، ومنصور عن مجاهد ، وبه قال قتادة ، ومقاتل ، والزجاج . قوله تعالى : { إِن الحسنات يُذهبن السيئات } في المراد بالحسنات قولان : أحدهما : أنها الصلوات الخمس ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن المسيب ، ومسروق ، ومجاهد ، والقرظي ، والضحاك ، والمقاتلان : ابن سليمان ، وابن حيان . والثاني : أنها سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إِله إِلا الله ، والله أكبر ، رواه منصور عن مجاهد . والأول أصح ، لأن الجمهور عليه ، وفيه حديث مسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ، وقال : " من توضأ وضوئي هذا ، ثم صلى الظهر ، غُفر له ما كان بينها وبين صلاة الصبح ، ومن صلى العصر ، غفر له ما بينها وبين صلاة الظهر ، ومن صلى المغرب ، غفر له ما بينها وبين صلاة العصر ، ثم صلى العشاء ، غُفر له ما بينها وبين صلاة المغرب ، ثم لعله أن يبيت ليلته يتمرَّغ ، ثم إِن قام فتوضأ وصلى الصبح ، غُفر له ما بينه وبين صلاة العشاء ، وهن الحسنات يذهبن السيئات " . فأما السيئات المذكورة هاهنا ، فقال المفسرون : هي الصغائر من الذنوب . وقد روى معاذ بن جبل ، قال : قلت : يا رسول الله ، أوصني ؛ قال : " اتق الله حيثما كنت » ، قال : قلت : زدني ؛ قال : « أتبع السيئة الحسنة تمحها » ، قلت : زدني ؛ قال : « خالِقِ الناس بخُلُق حسن " . قوله تعالى : { ذلك ذكرى للذاكرين } في المشار إِليه بـ « ذلك » ثلاثة أقوال . أحدها : أنه القرآن . والثاني : إِقام الصلاة . والثالث : جميع ما تقدم من الوصية بالاستقامة ، والنهي عن الطغيان ، وترك الميل إِلى الظالمين ، والقيام بالصلاة . وفي المراد بالذكرى قولان . أحدهما : أنه بمعنى التوبة . والثاني : بمعنى العِظة .