Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 71-72)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وامرأته قائمة } واسمها سارة . واختلفوا أين كانت قائمة على ثلاثة أقوال : أحدها : وراء الستر تسمع كلامهم ، قاله وهب . والثاني : كانت قائمة تخدمهم ، قاله مجاهد ، والسدي . والثالث : كانت قائمة تصلي ، قاله محمد بن إِسحاق . وفي قوله : { فضحكت } ثلاثة أقوال : أحدها : أن الضحك ها هنا بمعنى التعجب ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أن معنى « ضحكت » : حاضت ، قاله مجاهد ، وعكرمة . قال ابن قتيبة : وهذا من قولهم : ضحكت الأرنب : إِذا حاضت . فعلى هذا ، يكون حيضها حينئذ تأكيد للبشارة بالولد ، لأنَ من لا تحيض لاتحمل . وقال الفراء : لم نسمع من ثقة أن معنى « ضحكت » حاضت . قال ابن الأنباري : أنكر الفراء ، وأبو عبيدة ، وأبو عبيد أن يكون « ضحكت » بمعنى حاضت ، وعرفه غيرهم . قال الشاعر : @ تَضْحَكُ الضَّبْعُ لقَتْلى هُذَيْلٍ وَتَرَى الذِّئْبَ لها يَسْتَهِلُّ @@ قال بعض أهل اللغة : معناه : تحيض . والثالث : أنه الضحك المعروف ، وهو قول الأكثرين . وفي سبب ضحكها ستة أقوال : أحدها : أنها ضحكت من شدة خوف إِبراهيم من أضيافه ، وقالت : من ماذا يخاف إِبراهيم ، وإِنما هم ثلاثة ، وهو في أهله وغلمانه ؟ ! رواه الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل . والثاني : أنها ضحكت من بشارة الملائكة لإِبراهيم بالولد ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً ، ووهب بن منبه ؛ فعلى هذا إِنما ضحكت سروراً بالبشارة ، ويكون في الآية تقديم وتأخير ، المعنى : وامرأته قائمة فبشرناها فضحكت ، وهو اختيار ابن قتيبة . والثالث : ضحكت من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم ، قاله قتادة . والرابع : ضكحت من إِمساك الأضياف عن الأكل ، وقالت : عجباً لأضيافنا ، نخدمهم بأنفسنا ، وهم لايأكلون طعامنا ! قاله السدي . والخامس : ضحكت سروراً بالأمن ، لأنها خافت كخوف إِبراهيم ، قاله الفراء . والسادس : أنها كانت قالت لإِبراهيم : اضمم إِليك ابن أخيك لوطاً ، فانه سينزل العذاب بقومه ، فلما جاءت الملائكة بعذابهم ، ضحكت سروراً بموافقتها للصواب ، ذكره ابن الأنباري . قال المفسرون : قال جبريل لسارة : أَبْشِري أيتها الضاحكة بولد اسمه إِسحاق ، ومن وراء إِسحاق يعقوب ، فبشروها أنها تلد إِسحاق ، وأنها تعيش إِلى أن ترى ولد الولد . وفي معنى الوراء قولان : أحدهما : أنه بمعنى « بعد » ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، واختاره مقاتل ، وابن قتيبة . والثاني : أن الوراء : ولد الولد ، روي عن ابن عباس أيضاً ، وبه قال الشعبي ، واختاره أبو عبيدة . فان قيل : كيف يكون يعقوب وراء إِسحاق وهو ولده لصلبه ، وإِنما الوراء : ولد الولد ؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري ، فقال : المعنى : ومن وراء المنسوب إِلى إِسحاق يعقوب ، لأنه قد كان الوراء لإِبراهيم من جهة إِسحاق ، فلو قال : ومن الوراء يعقوب ، لم يُعلم أهذا الوراء منسوب إِلى إِسحاق ، أم إِلى إِسماعيل ؟ فأضيف إِلى إِسحاق لينكشف المعنى ويزول اللبس . قال : ويجوز أن ينسب ولد إِبراهيم من غير إِسحاق إلى سارة على جهة المجاز ، فكان تأويل الآية : من الوراء المنسوب إِلى سارة ، وإلى إِبراهيم من جهة إِسحاق ، يعقوب . ومن حمل الوراء على « بعد » لزم ظاهر العربية . واختلف القراء في « يعقوب » ، فقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : « يعقوبُ » بالرفع . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، وحفص عن عاصم : « يعقوبَ » بالنصب . قال الزجاج : وفي رفع « يعقوب » وجهان . أحدهما : على الابتداء المؤخَّر ، معناه التقديم ؛ والمعنى : ويعقوبُ يَحْدُثُ لها من وراء إِسحاق . والثاني : وثبت لها من وراء إِسحاق يعقوبُ . ومن نصبه ، حمله على المعنى ، والمعنى : وهبنا لها إِسحاقَ ، ووهبنا لها يعقوبَ . قوله تعالى : { يا ويلتي أألد وأنا عجوز } هذه الكلمة تقال عند الإِيذان بورود الأمر العظيم . ولم تُرِد بها الدعاء على نفسها ، وإِنما هي كلمة تخفُّ على ألسنة النساء عند الأمر العجيب . وقولها : { أألد } استفهام تعجب . قال الزجاج : و { شيخاً } منصوب على الحال . قال ابن الأنباري : إِنما أشارت بقولها هذا لتنبِّه على شيخوخيَّته واختلفوا في سن إِبراهيم وسارة يومئذ على أربعة أقوال . أحدها : أنه كان إِبراهيم ابن تسع وتسعين سنة . وسارة بنت ثمان وتسعين سنة . قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنه كان إِبراهيم ابن مائة سنة ، وسارة بنت تسع وتسعين ، قاله مجاهد . والثالث : كان إِبراهيم ابن تسعين ، وسارة مثله ، قاله قتادة . والرابع : كان إِبراهيم ابن مائة وعشرين سنة ، وسارة بنت تسعين ، قاله عبيد بن عمير ، وابن إِسحاق .