Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 39-39)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يمحو الله ما يشاء ويثبت } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم : « ويثبت » ساكنة الثاء خفيفة الباء . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : « ويثبِّت » مشددة الباء مفتوحة الثاء . قال أبو علي : المعنى : ويثبِّته ، فاستغنى بتعدية الأول من الفعلين عن تعدية الثاني . واختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبِت على ثمانية أقوال : أحدها : أنه عامّ ، في الرزق ، والأجل ، والسعادة . والشقاوة ، وهذا مذهب عمر ، وابن مسعود ، وأبي وائل ، والضحاك ، وابن جريج . والثاني : أنه الناسخ والمنسوخ ، فيمحو المنسوخ ، ويثبت الناسخ ، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، وقتادة ، والقرظي ، وابن زيد . وقال ابن قتيبة : « يمحو الله ما يشاء » أي : ينسخ من القرآن ما يشاء « ويثبت » أي : يدعه ثابتاً لا ينسخه ، وهو المُحكَم . والثالث : أنه يمحو ما يشاء ، ويثبت ، إِلا الشقاوة والسعادة ، والحياة والموت ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، ودليل هذا القول ، ما روى مسلم في « صحيحه » من حديث حذيفة بن أَسِيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إِذا مضت على النطفة خمس وأربعون ليلة ، يقول الملَك الموكَّل : أذَكر أم أنثى ؟ فيقضي الله تعالى ، ويكتب الملَك ، فيقول : أشقي ، أم سعيد ؟ فيقضي الله ، ويكتب الملَك ، فيقول : عمله وأجله ؟ فيقضي الله ، ويكتب الملَك ، ثم تطوى الصحيفة ، فلا يزاد فيها ولا يُنقص منها " . والرابع : يمحو ما يشاء ويثبت ، إِلا الشقاوة والسعادة لا يغيَّران ، قاله مجاهد . والخامس : يمحو من جاء أجله ، ويُثبت من لم يجىء أجله ، قاله الحسن . والسادس : يمحو من ذنوب عباده ما يشاء فيغفرها ، ويثبت ما يشاء فلا يغفرها ، روي عن سعيد بن جبير . والسابع : يمحو ما يشاء بالتوبة ، ويثبت مكانها حسنات ، قاله عكرمة . والثامن : يمحو من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب ، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب ، قاله الضحاك ، وأبو صالح . وقال ابن السائب : القول كلُّه يُكتَب ، حتى إِذا كان في يوم الخميس ، طُرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب ، مثل قولك : أكلتُ ، شربت ، دخلت ، خرجت ، ونحوه ، وهو صادق ، ويُثبت ما فيه الثواب والعقاب . قوله تعالى : { وعنده أُمُّ الكتاب } قال الزجاج : أصل الكتاب . قال المفسرون : وهو اللوح المحفوظ الذي أُثبت فيه ما يكون ويحدث وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِن الله تعالى في ثلاث ساعات يبقَين من الليل ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت " وروى عكرمة عن ابن عباس قال : هما كتابان ، كتاب سوى أم الكتاب يمحو منه ما يشاء ويثبت ، وعنده أُمُّ الكتاب لا يغيَّر منه شيء .