Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 26-29)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولقد خلقنا الإِنسان } يعني آدم { من صلصال } وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الطين اليابس الذي لم تُصِبه النار ، فإذا نقرتَهَ صَلَّ ، فسمعتَ له صلصلة ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة . والثاني : أنه الطين المنتن ، قاله مجاهد ، والكسائي ، وأبو عبيد . ويقال : صَلَّ اللحمُ : إِذا تغيرت رائحته . والثالث : أنه طين خُلط برمل ، فصار له صوت عند نقره ، قاله الفراء . فأما الحمأُ ، فقال أبو عبيدة : هو جمع حَمْأة ، وهو الطين المتغير . وقال ابن الأنباري : لا خلاف أن الحمأ : الطين الأسود المتغيِّر الريح . وروى السدي عن أشياخه قال : بُلَّ الترابُ حتى صار طيناً ، ثم تُرك حتى أنتن وتغيَّر . وفي المسنون أربعة أقوال . أحدها : المنتن أيضاً ، رواه مجاهد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وقتادة في آخرين . قال ابن قتيبة : المسنون : المتغير الرائحة . والثاني : أنه الطين الرطب ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثالث : أنه المصبوب ، قاله أبو عمرو بن العلاء ، وأبو عبيد . والرابع : أنه المحكوك ، ذكره ابن الأنباري ، قال : فمن قال : المسنون : المنتن ، قال : هو من قولهم : قد تسنَّى الشيء : إِذا أنتن ، ومنه قوله تعالى : { لم يتسنَّهْ } [ البقرة 259 ] ، وإِنما قيل له : مسنون ، لتقادم السنين عليه . ومن قال : الطين الرطب ، قال : سمي مسنوناً ، لأنه يسيل وينبسط ، فيكون كالماء المسنون المصبوب . ومن قال : المصبوب ، احتج بقول العرب : قد سننت عليَّ الماء : إِذا صببته . ويجوز أن يكون المصبوب على صورة ومثال ، من قوله : رأيت سُنَّة وجهه ، أي : صورة وجهه ، قال الشاعر : @ تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلاَ نَدَبُ @@ ومن قال : المحكوك ، احتج بقول العرب : سننت الحجر على الحجر : إِذا حككته عليه . وسمي المِسَنُّ مسناً ، لأن الحديد يُحَكُّ عليه . قال : وإِنما كُرِّرت « مِنْ » لأن الأولى متعلقة بـ « خلقنا » ، والثانية متعلقة بالصلصال ، تقديره : ولقد خلقنا الإِنسان من الصلصال الذي هو من حمأٍ مسنون . قوله تعالى : { والجانَّ } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه مسيخ الجن ، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإِنس ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : أنه أبو الجن ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وروى عنه الضحاك أنه قال : الجانُّ أبو الجن ، وليسوا بشياطين ، والشياطين ولد إِبليس لا يموتون إِلا مع إِبليس ، والجن يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر . والثالث : أنه إِبليس ، قاله الحسن ، وعطاء ، وقتادة ، ومقاتل . فإن قيل : أليس أبو الجن هو إِبليس ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنه هو ، فيكون هذا القول هو الذي قبله . والثاني : أن الجانَّ أبو الجن ، وإِبليس أبو الشياطين ، فبينهما إِذاً فرق على ما ذكرناه عن ابن عباس . قال العلماء : وإِنما سمي جانّاً ، لتواريه عن العيون . قوله تعالى : { من قبل } يعني : قبل خَلْق آدم { من نار السموم } ، وقال ابن مسعود : من نار الريح الحارَّة ، وهي جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم . والسَّموم في اللغة : الريح الحارَّة وفيها نار ، قال ابن السائب : وهي نار لا دخان لها .