Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 95-99)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنا كفيناك المستهزئين } المعنى : فاصدع بأمري كما كفيتك المستهزئين ، وهم قوم كانوا يستهزئون به وبالقرآن . وفي عددهم قولان : أحدهما : أنهم كانوا خمسة : الوليد بن المغيرة ، وأبو زمعة ، والأسود بن عبد يغوث ، والعاص بن وائل ، والحارث بن قيس ، قاله ابن عباس . واسم أبي زمعة : الأسود بن المطلب . وكذلك ذكرهم سعيد بن جبير ، إِلا أنه قال مكان الحارث بن قيس : الحارث بن غيطلة ، قال الزهري : غيطلة أمه ، وقيس أبوه ، فهو واحد . وإِنما ذكرتُ ذلك ، لئلا يُظَن أنه غيره . وقد ذكرتُ في كتاب « التلقيح » من يُنْسَب إِلى أمه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وسميت آباءهم ليُعرَفوا إِلى أي الأبوين نُسبوا . وفي رواية عن ابن عباس مكان الحارث ابن قيس : عدي بن قيس . والثاني : أنهم كانوا سبعة ، قاله الشعبي ، وابن أبي بزة ، وعدَّهم ابن أبي بَزَّة ، فقال : العاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، والحارث بن عدي ، والأسود ابن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، وأصرم وبعكك ابنا عبد الحارث بن السبّاق . وكذلك عدَّهم مقاتل ، إِلا أنه قال مكان الحارث بن عدي : الحارث بن قيس السهميّ ، وقال : أصرم وبعكك ابنا الحجاج بن السبَّاق . ذِكر ما أهلكهم الله به وكفى رسولَه صلى الله عليه وسلم أمرهم قال المفسرون : أتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، والمستهزئون يطوفون بالبيت ، فمر الوليد بن المغيرة ، فقال جبريل : يا محمد ، كيف تجد هذا ؟ فقال : « بئس عبد الله » قال : قد كفيت ، وأومأ إِلى ساق الوليد ، فمر الوليد برجُل يَريش نبلاً له ، فتعلقت شظية من نبل بإزاره ، فمنعه الكِبْرُ أن يطامن لينزعها ، وجعلت تضرب ساقه ، فمرض ومات . وقيل : تعلَّق سهم بثوبه فأصاب أكحله فقطعه ، فمات . ومر العاص بن وائل ، فقال جبريل : كيف تجد هذا يا محمد ؟ فقال : « بئس عبد الله » فأشار إِلى أخمص رجله ، وقال : قد كُفيتَ ، فدخلت شوكة في أخمصه ، فانتفخت رجله ومات . ومر الأسود بن المطلب ، فقال : كيف تجد هذا ؟ قال : « عبد سوء » ، فأشار بيده إِلى عينيه ، فعمي وهلك . وقيل : جعل ينطح برأسه الشجر ويضرب وجهه بالشوك ، فاستغاث بغلامه ، فقال : لا أرى أحداً يصنع بك هذا غير نفسك ، فمات وهو يقول : قتلني ربُّ محمد . ومر الأسود بن عبد يغوث ، فقال جبريل : كيف تجد هذا ؟ فقال : « بئس عبد الله » ، فقال : قد كُفيت ، وأشار إِلى بطنه ، فسَقَى بطنُه ، فمات . وقيل : أصاب عينه شوك ، فسالت حدقتاه . وقيل : خرج عن أهله فأصابه السَّموم ، فاسودَّ حتى عاد حبشياً ، فلما أتى أهله لم يعرفوه ، فأغلقوا دونه الأبواب حتى مات . ومر به الحارث بن قيس ، فقال : كيف تجد هذا ؟ قال : « عبدَ سوء » فأومأ إِلى رأسه ، وقال : قد كُفيت ، فانتفخ رأسه فمات ، وقيل : أصابه العطش ، فلم يزل يشرب الماء حتى انقدَّ بطنُه . وأما أصرم وبعكك ، فقال مقاتل : أخذتْ أحدَهما الدُّبَيْلَةُ والآخرَ ذاتُ الجَنْبِ ، فماتا جميعاً . قال عكرمة : هلك المستهزئون قبل بدر . وقال ابن السائب : أُهلكوا جميعاً في يوم وليلة . قوله تعالى : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون } فيه قولان : أحدهما : أنه التكذيب . والثاني : الاستهزاء . قوله تعالى : { فسبِّح بحمد ربك } فيه قولان . أحدهما : قل سبحان الله وبحمده ، قاله الضحاك . والثاني : فصلِّ بأمر ربك ، قاله مقاتل . وفي قوله : { وكن من الساجدين } قولان : أحدهما : من المصلِّين . والثاني : من المتواضعين ، رويا عن ابن عباس . قوله تعالى : { حتى يأتيَك اليقين } فيه قولان : أحدهما : أنه الموت ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والجمهور ، وسمي يقيناً ، لأنه موقَن به . وقال الزجاج : معنى الآية : اعبد ربك أبداً ، ولو قيل : اعبد ربك ، بغير توقيت ، لجاز إِذا عبد الإِنسان مرة أن يكون مطيعاً ، فلما قال : { حتى يأتيَك اليقين } أُمر بالإِقامة على العبادة ما دام حيَّاً . والثاني : أنه الحق الذي لا ريب فيه مِنْ نصرك على أعدائك ، حكاه الماوردي .