Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 22-27)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِلهكم إِله واحد } قد ذكرناه في سورة [ البقرة : 163 ] . قوله تعالى : { فالذين لايؤمنون بالآخرة } أي : بالبعث والجزاء { قلوبهم منكرة } أي : جاحدة لا تعرف التوحيد { وهم مستكبرون } أي : ممتنعون من قبول الحق . قوله تعالى : { لاجَرَمَ } قد فسرناه في [ هود : 22 ] ، ومعنى الآية : أنَّه يجازيهم بسرِّهم وَعَلنهم ، لأنه يعلمه . والمستكبرون : المتكبرون عن التوحيد والإِيمان . وقال مقاتل : « ما يُسرون » حين بَعثوا في كل طريق مَنْ يصدُّ الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، « وما يعلنون » حين أظهروا العداوة لرسول الله . قوله تعالى : { وإِذا قيل لهم } يعني : المستكبرين { ماذا أنزل ربكم } على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال الزجاج : « ماذا » بمعنى « ما الذي » . و { أساطير الأولين } مرفوعة على الجواب ، كأنهم قالوا : الذي أُنزل : أساطيرُ الأولين ، أي : الذي تذكرون أنتم أنه منزَّل : أساطير الأولين . وقد شرحنا معنى الأساطير في [ الأنعام : 25 ] . قال مقاتل : الذين بعثهم الوليد بن المغيرة في طرق مكة يصدُّون الناس عن الإِيمان ، ويقول بعضهم : إِن محمداً ساحر ، ويقول بعضهم : شاعر ، وقد شرحنا هذا المعنى في [ الحجر : 90 ] في ذكر المقتسمين . قوله تعالى : { ليحملوا أوزارهم } هذه لام العاقبة ، وقد شرحناها في غير موضع ، والأوزار : الآثام ، وإِنما قال : كاملة ، لأنه لم يُكَفَّرْ منها شيء بما يُصيبهم من نكبة ، أو بليَّة ، كما يُكَفَّرُ عن المؤمن ، { ومن أوزار الذين يُضلونهم بغير علم } أي : أنهم أضلُّوهم بغير دليل ، وإِنما حملوا من أوزار الأتباع ، لأنهم كانوا رؤساء يقتدى بهم في الضلالة ، وقد ذكر ابن الأنباري في « مِنْ » وجهين : أحدهما : أنها للتبعيض ، فهم يحملون ما شَرِكوهم فيه ، فَأَمَّا مَا ركبه أولئك باختيارهم من غير تزيين هؤلاء ، فلا يحملونه ، فيصح معنى التبعيض . والثاني : أن « مِنْ » مُؤكِّدة ، والمعنى : وأوزار الذين يضلونهم . { ألا ساء ما يزرون } أي : بئس ماحملوا على ظهورهم . قوله تعالى : { قد مكر الذين من قبلهم } قال المفسرون : يعني به : النمرود ابن كنعان ، وذلك أنه بنى صرحاً طويلاً . واختلفوا في طوله ، فقال ابن عباس : خمسة آلاف ذراع ، وقال مقاتل : كان طوله فرسخين ، قالوا : ورام أن يصعد إِلى السماء ليقاتل أهلها بزعمه . ومعنى « المكر » هاهنا : التدبير الفاسد . وفي الهاء والميم من « قبلهم » قولان : أحدهما : أنها للمقتسمين على عقاب مكة ، قاله ابن السائب . والثاني : لكفار مكة ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { فأتى الله بنيانَهم من القواعد } أي : من الأساس . قال المفسرون : أرسل الله ريحاً فألقت رأس الصرح في البحر ، وخَرَّ عليهم الباقي . قال السدي : لما سقط الصرح ، تَبَلْبَلَتْ أَلْسُن الناس من الفزع ، فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً ، فلذلك سميت « بابل » ، وإِنما كان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية ، وهذا قول مردود ، لأن التَّبَلْبُلَ يُوجب الاختلاط والتكلمَ بشيء غير مستقيم ، فأما أن يوجب إِحداث لغة مضبوطة الحواشي ، فباطل ، وإِنما اللغات تعليم من الله تعالى . فإن قيل : إِذا كان الماكر واحداً ، فكيف قال : « الذين » ولم يقل : « الذي » ؟ ، فعنه ثلاثة أجوبة : أحدها : أنه كان الماكر ملكاً له أتباع ، فأدخلوا معه في الوصف . والثاني : أن العرب توقع الجمع على الواحد ، فيقول قائلهم : خرجت إِلى البصرة على البغال ، وإِنما خرج على بغل واحد . والثالث : أن « الذين » غير موقع على واحد معين ، لكنه يراد به : قد مكر الجبارون الذين من قبلهم ، فكان عاقبة مكرهم رجوع البلاء عليهم ، ذكر هذه الأجوبة ابن الأنباري : قال : وذكر بعض العلماء : أنه إِنما قال : « من فوقهم » ، لينبه على أنهم كانوا تحته ، إِذ لو لم يقل ذلك ، لاحتمل أنهم لم يكونوا تحته ، لأن العرب تقول : سقط علينا البيت ، وخَرَّ علينا الحانوت ، وتداعت علينا الدار ، وليسوا تحت ذلك . قوله تعالى : { وأتاهم العذاب من حيثُ لا يشعرون } أي : من حيث ظنوا أنهم آمنون فيه . قال السدي : أُخذوا من مأمنهم . وروى عطية عن ابن عباس قال : خَرَّ عليهم عذاب من السماء . وعامة المفسرين على ما حكيناه من أنه بنيان سقط . وقال ابن قتيبة : هذا مَثَل ، والمعنى : أهلكهم الله ، كما هلك من هُدِم مسكنه من أسفله ، فخر عليه . قوله تعالى : { ثم يوم القيامة يخزيهم } أي : يذلُّهم بالعذاب . { ويقول أين شركائي } قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، « شركائيَ الذين » بهمزة وفتح الياء ، وقال البزِّيُّ عن ابن كثير : « شركايَ » مثل : هدايَ ، والمعنى : أين شركائي على زعمكم ؟ هلاّ دفعوا عنكم ! . { الذين كنتم تشاقُّون فيهم } أي : تخالفون المسلمين فتعبدونهم وهم يعبدون الله ، وقرأ نافع : « تشاقُّونِ » بكسر النون ، أراد : تشاقُّونني ، فحذف النون الثانية ، وأبقى الكسرة تدل عليها ، والمعنى : كنتم تنازعونني فيهم ، وتخالفون أمري لأجلهم . قوله تعالى : { قال الذين أوتوا العلم } فيهم ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم الملائكة ، قاله ابن عباس . والثاني : الحفظة من الملائكة ، قاله مقاتل . والثالث : أَنهم المؤمنون . فأمَّا « الخِزي » فقد شرحناه في مواضع [ آل عمران 192 ] و « السُّوءُ » هاهنا : العذاب .