Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-32)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وقيل للذين اتَّقَوا ماذا أنزل ربكم } روى أبو صالح عن ابن عباس أنّ مشركي قريش بعثوا ستة عشر رجلاً إِلى عِقاب مكة أيام الحج على طريق الناس ، ففرَّقوهم على كل عَقَبَةٍ أربعة رجال ، ليصدُّوا الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقالوا لهم : مَنْ أتاكم من الناس يسألُكم عن محمد فلْيقُلْ بعضُكم : شاعِرٌ ، وبَعْضُكم : كاهِنٌ ، وبَعْضُكم : مجنون ، وألاَّ ترَوْه ولا يراكم خَيْرٌ لكم ، فإذا انتَهوا إِلينا ، صدَّقانكم ، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث إِلى كل أربعة منهم أربعةً من المسلمين ، فيهم عبد الله بن مسعود ، فأُمِرُوا أن يكذِّبوهم ، فكان الناس إِذا مرُّوا على المشركين ، فقالوا ما قالوا ، ردّ عليهم المسلمون ، وقالوا : كذبوا ، بل يدعو إِلى الحق ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويدعو إِلى الخير ، فيقولون : وما هذا الخير الذي يدعوا إِليه ؟ فيقولون : { للذين أُحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ } . قوله تعالى : { قالوا خيراً } أي : أنزل خيراً ، ثم فسر ذلك الخير فقال : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا } قالوا : لا إِله إِلا الله ، وأحسنوا العمل { حسنةً } أي : كرامة من الله تعالى في الآخرة ، وهي الجنة ، وقيل : « للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة » في الدنيا وهي مارزقهم من خيرها وطاعته فيها ، { ولدار الآخرة } يعني : الجنة { خير } من الدنيا . وفي قوله تعالى : { ولنعم دار المتقين } قولان : أحدهما : أنها الجنة ، قاله الجمهور . قال ابن الأنباري : في الكلام محذوف ، تقديره : ولنعم دار المتقين الآخرةُ ، غير أنه لما ذُكرت أولاً ، عرف معناها آخراً ، ويجوز أن يكون المعنى : ولنعم دار المتقين جناتُ عَدْنٍ . والثاني : أنها الدنيا . قال الحسن : ولنعم دار المتقين الدنيا ، لأنهم نالوا بالعمل فيها ثواب الآخرة . قوله تعالى : { جنات عَدْنٍ } قد شرحناه في [ براءة : 72 ] . قوله تعالى : { الذين تتوفاهم الملائكة } وقرأ حمزة « يتوفاهم » بياء مع الإِمالة . وفي معنى « طَيِّبينَ » خمسة أقوال : أحدها : مؤمنين . والثاني : طاهرين من الشرك . والثالث : زاكية أفعالهم وأقوالهم . والرابع : طيبةٌ وفاتُهم ، سَهْلٌ خروجُ أرواحهم . والخامسة : طيبة أنفسهم بالموت ، ثقة بالثواب . قوله تعالى : { يقولون } يعني الملائكة { سلام عليكم } . وفي أي وقت يكون هذا [ السلام ] ؟ فيه قولان : أحدهما : عند الموت . قال البراء بن عازب : يسلِّم عليه ملك الموت إِذا دخل عليه . وقال القرظي : ويقول له : الله عز وجل يقرأ عليك السلام ، ويبشره بالجنة . والثاني : عند دخول الجنة . قال مقاتل : هذا قول خزنة الجنة لهم في الآخرة يقولون : سلام عليكم .