Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 158-159)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِن الصفا والمروة من شعائر الله } . في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : أن رجالاً من الأنصار ممن كان يهلُّ لمناة في الجاهلية - ومناة : صنم كان بين مكة والمدينة - قالوا : يا رسول الله إنا كنا لا نطَّوف بين الصفا والمروة تعظيماً لمناة ، فهل علينا من حرج أن نطوف بهما ؟ فنزلت هذه الآية . رواه عروة عن عائشة . والثاني : أن المسلمين كانوا لا يطوفون بين الصفا والمروة ، لأنه كان على الصفا تماثيل وأصنام ، فنزلت هذه الآية . رواه عكرمة عن ابن عباس . وقال الشعبي : كان وثن على الصفا يدعى : إساف ، ووثن على المروة يدعى : نائلة ، وكان أهل الجاهلية يسعون بينهما ويمسحونهما ، فلما جاء الإسلام كفوا عن السعي بينهما ، فنزلت هذه الآية . والثالث : أن الصحابة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة ، وإن الله تعالى ذكر الطواف بالبيت ، ولم يذكره بين الصفا والمروة ، فهل علينا من حرج أن لا نطَّوَّف بهما ؛ فنزلت هذه الآية . رواه الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن جماعة من أهل العلم . قال إبراهيم بن السري : الصفا في اللغة : الحجارة الصلبة الصلدة التي لا تنبت شيئاً ، وهو جمع ، واحده صفاة وصفا ، مثل : حصاة وحصى . والمروة : الحجارة اللينة ، وهذان الموضعان من شعائر الله ، أي : من أعلام متعبداته . وواحد الشعائر : شعيرة . والشعائر : كل ما كان من موقف أو سعي أو ذبح . والشعائر : من شعرت بالشيء : إذا علمت به ، فسميت الأعلام التي هي متعبدات الله : شعائر الله . والحج في اللغة : القصد ، وكذلك كل قاصد شيئاً فقد اعتمره . والجناح : الإثم ، أخذ من جنح : إذا مال وعدل ، وأصله من جناح الطائر ، وإنما اجتنب المسلمون الطواف بينهما ، لمكان الأوثان ، فقيل لهم : إن نصب الأوثان بينهما قبل الإسلام لا يوجب اجتنابهما فأعلم الله عز وجل أنه لا جناح في التطوف بهما ، وأن من تطوع بذلك فان الله شاكر عليم . والشكر من الله : المجازاة والثناء الجميل ، والجمهور قرؤوا { ومن تطوَّعَ } بالتاء ونصب العين . منهم : ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وقرأ حمزة ، والكسائي « يطوع » بالياء وجزم العين . وكذلك خلافهم في التي بعدها بآيات . فصل اختلفت الرواية عن إمامنا أحمد في السعي بين الصفا والمروة ، فنقل الأثرم أن من ترك السعي لم يجزه حجه . ونقل أبو طالب : لا شيء في تركه عمداً أو سهواً ، ولا ينبغي أن يتركه . ونقل الميموني أنه تطوع . قوله تعالى : { إِن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } قال أبو صالح عن ابن عباس : نزلت في رؤساء اليهود ، كتموا ما أنزل الله في التوراة من البينات والهدى ، فالبينات : الحلال والحرام والحدود والفرائض . والهدى : نعت النبي وصفته { من بعد ما بيناه للناس } قال مقاتل : لبني إسرائيل . وفي الكتاب قولان . أحدهما : أنه التوراة ، وهو قول ابن عباس ، والثاني : التوراة والإنجيل ، قاله قتادة . { أولئك } إشارة إلى الكاتمين { يلعنهم الله } قال ابن قتيبة : أصل اللعن في اللغة : الطرد ، ولعن الله إبليس ، أي : طرده ، ثم انتقل ذلك فصار قولاً . قال الشماخ وذكر ماءً : @ ذعرتُ به القطا ونفيتُ عنه مقام الذئب كالرجل اللعين @@ أي : الطريد وفي اللاعنين أربعة أقوال . أحدها : أن المراد بهم ، دواب الأرض ، رواه البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول مجاهد ، وعكرمة . قال مجاهد : يقولون : إنما منعنا القطر بذنوبكم ، فيلعنونهم . والثاني : أنهم المؤمنون ، قاله عبد الله بن مسعود . والثالث : أنهم الملائكة والمؤمنون ، قاله أبو العالية ، وقتادة . والرابع : أنهم الجن والإنس وكل دابة ، قاله عطاء . فصل وهذه الآية توجب إظهار علوم الدين ، منصوصة كانت أو مستنبطة ، وتدل على امتناع جواز أخذ الأجرة على ذلك ، إذ غير جائز استحقاق الأجر على ما يجب فعله ، وقد روى الأعرج عن أبي هريرة أنه قال : إنكم تقولون : أكثر أبو هريرة على النبي صلى الله عليه وسلم ، والله الموعد ، وأيم الله : لولا آية في كتاب الله ما حدّثت أحداً بشيء أبداً ، ثم تلا { إِن الذين يكتمون ما أنزلنا } … إلى آخرها .