Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 164-164)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إن في خلق السموات والأرض } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : أن المشركين قالوا للنبي : اجعل لنا الصفا ذهباً إن كنت صادقاً ؛ فنزلت هذه الآية ، حكاه السدي عن ابن مسعود ، وابن عباس . والثاني : أنهم لما قالوا : انسب لنا ربك وصفه ؛ فنزلت : { وإِلهكم إِله واحد } قالوا : فأرنا آية ذلك ؛ فنزلت : { إِن في خلق السموات والأرض } إلى قوله : { يعقلون } رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثالث : أنه لما نزلت { وإِلهكم إِله واحد } قال كفار قريش : كيف يسع الناس إِله واحد ؟ فنزلت هذه الآية ، قاله عطاء . فأما { السموات } ؛ فتدل على صانعها ، إذ هي قائمة بغير عمد ، وفيها من الآيات الظاهرة ، ما يدل يسيره على مبدعه ، وكذلك الأرض في ظهور ثمارها ، وتمهيد سهولها ، وإرساء جبالها ، إلى غير ذلك . { واختلاف الليل والنهار } كل واحد منهما حادث بعد أن لم يكن ، وزائل بعد أن كان { والفلك } : السفن : قال ابن قتيبة : الواحد والجمع بلفظ واحد . وقال اليزيدي : واحده فلكة ، ويذكر ويؤنث . وقال الزجاج : الفلك : السفن ، ويكون واحداً ، ويكون جمعاً ، لأن فَعَل ، وفُعُل جمعهما واحد ، ويأتيان كثيراً بمعنى واحد . يقال : العَجم والعُجم ، والعَرب والعربُ ، والفلك والفُلك . والفلك : يقال لكل شيء مستدير ، أو فيه استدارة . و { البحر } : الماء الغزير { بما ينفع الناس } من المعايش . { وما أنزل الله من السماء من ماء } يعني : المطر ، والمطر ينزل على معنى واحد ، وأجزاء الأرض والهواء على معنى واحد ، والأنواع تختلف في النبات والطعوم والألوان والأشكال المختلفات ، وفي ذلك رد على من قال : إنه من فعل الطبيعة ، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يتفق موجبها ، إذ المتفق لا يوجب المختلف ، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى في قوله : { يسقى بماء واحد ونُفضل بعضها على بعض في الأُكُل } [ الرعد : 4 ] . قوله تعالى : { وبثَّ } أي : فرق . قوله تعالى : { وتصريف الرياح } قرأ ابن كثير { الرياح } على الجمع في خمسة مواضع : هاهنا . وفي [ الحجر : 22 ] . { وأرسلنا الرياح لواقح } وفي [ الكهف : 46 ] { تذروه الرياح } وفي [ الروم : 46 ] الحرف الأول { الرياح } وفي [ الجاثية : 4 ] { وتصريف الرياح } وقرأ باقي القرآن { الريح } . وقرأ أبو جعفر { الرياح } في خمسة عشر موضعاً في البقرة ، وفي [ الأعراف : 56 ] { يرسل الرياح } وفي [ إبراهيم : 18 ] { اشتدت به الرياح } وفي [ الحجر : 22 ] { الرياح لواقح } وفي [ سبحان : 19 ] . وفي [ الكهف : 45 ] . { تذروه الرياح } وفي [ الأنبياء : 81 ] وفي [ الفرقان : 48 ] { أرسل الرياح } وفي النمل . والثاني من [ الروم : 48 ] وفي [ سبأ : 12 ] وفي [ ص : 36 ] . وفي [ عسق : 33 ] { يسكن الرياح } وفي [ الجاثية : 5 ] { وتصريف الرياح } تابعه نافع إلا في سبحان . ورياح سليمان : [ الأنبياء : 81 ] . وتابع نافعاً أبو عمرو إلا في حرفين : { الريح } في إبراهيم ، وعسق ، ووافق أبا عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وقرأ حمزة { الرياح } جمعاً في موضعين : في الفرقان ، والحرف الأول من الروم ، وباقيهن على التوحيد . وقرا الكسائي مثل حمزة ، إلا إنه زاد عليه في [ الحجر : 22 ] . { الرياح لواقح } ولم يختلفوا فيما ليس فيه ألف ولام ، فمن جمع ؛ فكل ريح تساوي أختها في الدلالة على التوحيد والنفع . ومن وحد ؛ أراد الجنس . ومعنى تصريف الرياح : تقلّبها شمالاً مرة ، وجنوباً مرة ، ودبوراً أُخرى ، وصباً أُخرى ، وعذاباً ورحمة { والسحاب المسخر } : المذلل . والآية فيه من أربعة أوجه ، ابتداء كونه ، وانتهاء تلاشيه ، وقيامه بلا دعامة ولا علاقة ، وإرساله إلى حيث شاء الله تعالى . لآيات . الآية : العلامة . أخبرنا عبد الوهاب الحافظ قال : أخبرنا عاصم قال : أخبرنا ابن بشران قال : أخبرنا ابن صفوان قال : حدثنا ابن أبي الدنيا قال : حدثني هارون قال : حدثني عفان عن مبارك بن فضاله قال : سمعت الحسن يقول : كانوا يقولون ، يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الرفيق ، الذي لو جعل هذا الخلق خلقاً دائماً لا يتصرف ، لقال الشاك في الله : لو كان لهذا الخلق ربٌ لحادثه ، وإن الله تعالى قد حادث بما ترون من الآيات ، إنه جاء بضوء طبَّق ما بين الخافقين ، وجعل فيها معاشاً ، وسراجاً وهاجاً ، ثم إذا شاء ذهب بذلك الخلق ، وجاء بظلمة طبَّقت ما بين الخافقين ، وجعل فيه سكناً ونجوماً ، وقمراً منيراً ، و إذا شاء ، بنى بناء ، جعل فيه المطر ، والبرق ، والرعد ، والصواعق ، ما شاء ، وإذا شاء صرف ذلك ، و إذا شاء جاء ببرد يقرقف الناس ، وإذا شاء ذهب بذلك ، وجاء بحرّ يأخذ أنفاس الناس ، ليعلم الناس أن لهذا الخلق رباً يحادثه بما ترون من الآيات ، كذلك إذا شاء ذهب بالدنيا وجاء بالآخرة .