Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 187-187)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث } سبب نزول هذه الآية أن الصحابة كانوا إذا نام الرجل قبل الأكل والجماع ، حرما عليه إلى أن يفطر ، فجاء شيخ من الأنصار وهو صائم إلى أهله ، فقال : عشوني ، فقالوا : حتى نسخن لك طعاماً ، فوضع رأسه فنام ، فجاؤوا بالطعام ، فقال : قد كنت نمت ، فبات يتقلب ظهراً لبطن ، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأخبره ، فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ! إني أردت أهلي الليلة ، فقالت : إنها قد نامت ، فظننتها تعتل ، فواقعتها ، فأخبرتني أنها قد نامت ، فأنزل الله تعالى في عمر بن الخطاب : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } وأنزل الله في الأنصاري : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } هذا قول جماعة من المفسرين . واختلفوا في اسم هذا الأنصاري على أربعة أقوال . أحدها : قيس بن صرمة ، قاله البراء . والثاني : صرمة بن أنس ، قاله القاسم بن محمد ، وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : صرمة بن مالك . والثالث : ضمرة بن أنس . والرابع : أبو قيس بن عمر . وذكر القولين أبو بكر الخطيب . فأما « الرفث » فقال ابن عمر ، وابن عباس ، ومجاهد ، وعطاء ، والحسن ، وابن جبير في آخرين : هو الجماع . قوله تعالى : { هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن } فيه قولان . أحدهما : أن اللباس السكن . ومثله { جعل لكم الليل لباساً } [ الفرقان : 47 ] أي : سكناً . وهذا قول ابن عباس ، وابن جبير ، ومجاهد ، وقتادة . والثاني : أنهن بمنزلة اللباس ، لإفضاء كل واحد ببشرته إلى بشرة صاحبه ، فكنى عن اجتماعهما متجردين باللباس . قال الزجاج : والعرب تسمي المرأة : لباساً وإزاراً ، قال النابغة الجعدي : @ إذا ما الضجيع ثنى جيدها تثنت فكانت عليه لباساً @@ وقال غيره : @ ألا أبلغ أبا حفص رسولا فدىً لك من أخي ثقة إِزاري @@ يريد : بالإزار : امرأته . قوله تعالى : { عَلِمَ الله أنَكم كنتم تختانون أنفُسَكم } قال ابن قتيبة : يريد : تخونونها بارتكاب ما حُرِّمَ عليكم . قال ابن عباس : وعنى بذلك فعل عمر ، فإنه أتى أهله ، فلما اغتسل أخذ يلوم نفسه ويبكي { فالآن باشروهن } : أصل المباشرة : إلصاق البشرة بالبشرة . وقال ابن عباس : المراد بالمباشرة هاهنا : الجماع . { وابتغوا ما كتب الله لكم } فيه أربعة أقوال : أحدها : أنه الولد ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد في آخرين . قال بعض أهل العلم : لما كانت المباشرة قد تقع على ما دون الجماع ، أباحهم الجماع الذي يكون من مثله الولد ، فقال : { وابتغوا ما كتب الله لكم } يريد : الولد . والثاني : أن الذي كتب لهم الرخصة ، وهو قول قتادة . وابن زيد . والثالث : أنه ليلة القدر . رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس . والرابع : أنه القرآن ، فمعنى الكلام : اتبعوا القرآن ، فما أُبيح لكم وأمرتم به فهو المبتغى ، وهذا اختيار الزجاج . قوله تعالى : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض } " قال عدي بن حاتم : لما نزلت هذه الآية ، عمدت إلى عقالين ، أبيض وأسود ، فجعلتهما تحت وسادتي ، فجعلت أقوم في الليل ولا أستبين الأسود من الأبيض ، فلما أصبحت ؛ غدوت على رسول الله فأخبرته ، فضحك وقال : « إِن كان وسادك إِذاً لعريض ، إِنما ذاك بياض النهار من سواد الليل » " وقال سهل بن سعد : نزلت هذه الآية : { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل : { من الفجر } فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض ، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما ، فأنزل الله بعد ذلك { من الفجر } فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار . فصل إذا شك في الفجر ، فهل يدع السحور أم لا ؟ فظاهر كلام أحمد يدل على أنه لا يدع السحور ، بل يأكل حتى يستيقن طلوع الفجر . وقال مالك : أكره له أن يأكل إذا شك في طلوع الفجر ، فان أكل فعليه القضاء وقال الشافعي : لا شيء عليه . قوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } في هذه المباشرة قولان . أحدهما : أنها المجامعة ، وهو قول الاكثرين والثاني : أنها ما دون الجماع من اللمس والقبلة ، قاله ابن زيد . وقال قتادة : كان الرجل المعتكف إذا خرج من المسجد ، فلقي امرأته باشرها إذا أراد ذلك ، فوعظهم الله في ذلك . فصل الاعتكاف في اللغة : اللبث ، يقال : فلان معتكف على كذا ، وعاكف . وهو فعل مندوب إليه ، إلا أن ينذره الإنسان ، فيجب . ولا يجوز إلا في مسجد تقام فيه الجماعات ، ولا يشترط في حق المرأة مسجد تقام فيه الجماعة ، إذ الجماعه لا تجب عليها . وهل يصح بغير صوم ؟ فيه عن أحمد روايتان . قوله تعالى : { تلك حدود الله } قال ابن عباس : يعني : المباشرة { فلا تقربوها } قال الزجاج : الحدود ما منع الله من مخالفتها ، فلا يجوز مجاوزتها . وأصل الحد في اللغة : المنع ، ومنه : حد الدار ، وهو ما يمنع غيرها من الدخول فيها . والحداد في اللغة : الحاجب والبواب ، وكل من منع شيئاً فهو حداد . قال الأعشى : @ فقمنا ولما يصحْ ديكنا إِلى جونة عند حدادها @@ أي : عند ربها الذي يمنعها إلا بما يريده . وأحدت المرأة على زوجها ، وحدّت ، فهي حاد ، ومحد : إذا قطعت الزينة ، وامتنعت منها ، وأحددت النظر إلى فلان : إذا منعت نظرك من غيره . وسمي الحديد حديداً ، لأنه يمتنع به الأعداء . قوله تعالى : { كذلك يبين الله } أي : مثل هذا البيان الذي ذكر .