Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 1-1)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وأما التفسير . فقوله : { ألم } اختلف العلماء فيها وفي سائر الحروف المقطعة في أوائل السور على ستة أقوال . أحدها : أنها من المتشابه الذي لا يعلمه الا الله . قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : لله عز وجل في كل كتاب سر ، وسر الله في القرآن أوائل السور ، وإلى هذا المعنى ذهب الشعبي ، وأبو صالح ، وابن زيد . والثاني : أنها حروف من أسماء ، فاذا أُلفت ضرباً من التأليف كانت أسماء من أَسماء الله عز وجل . قال علي بن أبي طالب : هي أسماء مقطعة لو علم الناس تأليفها علموا اسم الله الذي إِذا دعي به أجاب . وسئل ابن عباس عن « آلر » و « حم » و « نون » فقال : اسم الرحمن على الهجاء ، وإِلى نحو هذا ذهب أبو العالية ، والربيع بن أنس . والثالث : أنها حروف أقسم الله بها ، قاله ابن عباس ، وعكرمة . قال ابن قتيبة : ويجوز أن يكون أقسم بالحروف المقطعة كلها ، واقتصر على ذكر بعضها كما يقول القائل : تعلمت « أ ب ت ث » وهو يريد سائر الحروف ، وكما يقول : قرأت الحمد ، يريد فاتحة الكتاب ، فيسميها بأول حرف منها ، وإِنما أقسم بحروف المعجم لشرفها ولأنها مباني كتبه المنزلة ، وبها يذكر ويوحد . قال ابن الانباري : وجواب القسم محذوف ، تقديره : وحروف المعجم لقد بين الله لكم السبيل ، وأنهجت لكم الدّلالات بالكتاب المنزل ، وإِنما حذف لعلم المخاطبين به ، ولأن في قوله : { ذلك الكتاب لا ريب فيه } دليلاً على الجواب . والرابع : انه أشار بما ذكر من الحروف إِلى سائرها ، والمعنى أنه لما كانت الحروف أُصولاً للكلام المؤلف ، أخبر أن هذا القرآن إِنما هو مؤلف من هذه الحروف ، قاله الفراء ، وقطرب . فان قيل : فقد علموا أنه حروف ، فما الفائدة في إِعلامهم بهذا ؟ فالجواب أنه نبه بذلك على إِعجازه ، فكأنه قال : هو من هذه الحروف التي تؤلفون منها كلامكم ، فما بالكم تعجزون عن معارضته ؟ ! فاذا عجزتم فاعلموا أنه ليس من قول محمد عليه السلام . والخامس : أنها أسماء للسور . روي عن زيد بن أسلم ، وابنه ، وأبي فاختة سعيد ابن علاقة مولى أم هانىء . والسادس : أنها من الرمز الذي تستعمله العرب في كلامها . يقول الرجل للرجل : هل تا ؟ فيقول له : بلى ، يريد هل تأتي ؟ فيكتفي بحرف من حروفه . وأنشدوا : @ قلنا لها قفي لنا فقالت قاف لا تحسبى أنا نسينا الإيجاف @@ أراد قالت : أقف . ومثله : @ نادوهم ألا الجموا ألا تا قالوا جميعاً كلهم ألا فا @@ يريد : ألا تركبون ؟ قالوا : بلى فاركبوا . ومثله : @ بالخير خيرات وإن شراً فا ولا أريد الشر إِلا أن تا @@ معناه : وإن شراً فشر ولا أريد الشر إِلا أن تشاء . وإِلى هذا القول ذهب الأخفش ، والزجاج ، وابن الأنباري . وقال أبو روق عطية بن الحارث الهمداني : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في الصلوات كلها ، وكان المشركون يصفّقون ويصفّرون ، فنزلت هذه الحروف المقطعة ، فسمعوها فبقوا متحيرين . وقال غيره : إِنما خاطبهم بما لا يفهمون ليقبلوا على سماعه ، لأن النفوس تتطلع إِلى ما غاب عنها معناه ، فاذا أقبلوا اليه خاطبهم بما يفهمون ، فصار ذلك كالوسيلة إلى الإبلاغ ، إلا أنه لا بد له من معنى يعلمه غيرهم ، أو يكون معلوماً عند المخاطبين ، فهذا الكلام يعم جميع الحروف . وقد خص المفسرون قوله « الۤمۤ » بخمسة أقوال : أحدها : أنه من المتشابه الذي لا يعلم معناه الا الله عز وجل ، وقد سبق بيانه . والثاني : أَن معناه : أَنا الله أعلم . رواه أَبو الضحى عن ابن عباس ، وبه قال ابن مسعود ، وسعيد بن جبير . والثالث : أنه قسم . رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وخالد الحذاء عن عكرمة . والرابع : أنها حروف من أسماء . ثم فيها قولان . أَحدهما : أَن الألف من « الله » واللام من « جبريل » والميم من « محمد » قاله ابن عباس . فان قيل : إِذا كان قد تنوول من كل اسم حرفه الأول اكتفاءً به ، فلم أُخذت اللام من جبريل وهي آخر الاسم ؟ ! فالجواب : أن مبتدأَ القرآن من الله تعالى ، فدلَّ على ذلك بابتداء أول حرف من اسمه ، وجبريل انختم به التنزيل والإِقراء ، فتنوول من اسمه نهاية حروفه ، و « محمد » مبتدأ في الإقراء ، فتنوول أول حرف فيه . والقول الثاني : أَن الألف من « الله » تعالى ، واللام من « لطيف » والميم من « مجيد » قاله أبو العالية . والخامس : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله مجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، وابن جريج .