Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 20-20)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَكَادُ البَرْق يخطَفْ أبْصارهُمْ } . يكاد بمعنى : يقارب ، وهي كلمة إذا أثبتت انتفى الفعل ، وإذا نفيت ثبت الفعل . وسئل بعض المتأخرين فقيل له : @ أنحوي هذا العصر ما هي كلمة جرت بلسانيْ جرهم وثمود إذا نفيت والله يشهد أثبتت وإن أثبتت قامت مقام جحود @@ ويشهد للاثبات عند النفي قوله تعالى : { لا يكادون يفقهون حديثاً } [ النساء : 78 ] وقوله { إذا أَخرج يده لم يكد يراها } [ النور : 40 ] ومثله { ولا يكاد يبين } [ الزخرف : 52 ] ويشهد للنفي عند الإثبات قوله تعالى { يكاد البرق } [ البقرة : 20 ] و { يكاد سنا برقه } [ النور : 43 ] و { يكاد زيتها يضىء } [ النور : 35 ] . وقال ابن قتيبة : كاد : بمعنى هم ولم يفعل . وقد جاءت بمعنى الإثبات قال ذو الرمة : @ ولو أن لقمان الحكيم تعرضت لعينيه ميّ سافراً كاد يَبرَق @@ أي : لو تعرضت له لبرق ، أي : دهش وتحير . قلت : وقد قال ذو الرمة في المنفية ما يدل على أنها تستعمل للاثبات ، وهو قوله : @ اذا غيَّر النأي المحبين لم يكد رسيس الهوى من حبِّ ميَّة يبرح @@ أراد : لم يبرح . قوله تعالى : { يخطَفُ أبْصارَهُم } قرأ الجمهور بفتح الياء ، وسكون الخاء وفتح الطاء . وقرأَ أبان بن تغلب ، وأبان بن يزيد كلاهما عن عاصم ، بفتح الياء وسكون الخاء ، وكسر الطاء مخففاً . ورواه الجعفي عن أبي بكر عن عاصم ، بفتح الياء وكسر الخاء ، وتشديد الطاء ، وهي قراءة الحسن كذلك ، إلا أنه كسر الياء . وعنه : فتح الياء والخاء مع كسر الطاء المشددة . ومعنى « يخطف » يستلب ، وأصل الاختطاف : الاستلاب ، ويقال لما يخرج به الدلو : خطاف ، لأنه يختطف ما علق به . قال النابغة : @ خطاطيف حجْنٍ في حبالٍ متينة تمُدُّ بها أيدٍ إِليك نوازع @@ والحجن المتعقفة وجمل خيطف : سريع المر ، وتلك السرعة الخطفى . قوله تعالى : { كلما أَضَاءَ لهم } قال الزجاج : يقال ضاء الشيء يضوء ، وأضاء يضيء ، وهذه اللغة الثانية هي المختارة . فصل واختلف العلماء ما الذي يشبه الرعد مما يتعلق بأحوال المنافقين على ثلاثة أقوال . أحدها : أنه التخويف الذي في القرآن ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه ما يخافون أن يصيبهم من المصائب إذا علم النبي والمؤمنون بنفاقهم ، قاله مجاهد والسدي . والثالث : أنه ما يخافونه من الدعاء إلى الجهاد ، وقتال من يبطنون مودته ، ذكره شيخنا . واختلفوا : ما الذي يشبه البرق من أحوالهم على ثلاثة أقوال : أحدها : أنه ما يتبين لهم من مواعظ القرآن وحكمه . والثاني : أنه ما يضيء لهم من نور إسلامهم الذي يظهرونه . والثالث : أنه مثل لما ينالونه باظهار الإسلام من حقن دمائهم ، فانه بالإِضافة إِلى ما ذخر لهم في الأجل كالبرق . واختلفوا في معنى قوله : { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق } على قولين . أحدهما : أنهم كانوا يفرون من سماع القرآن لئلا يأمرهم بالجهاد مخالفة الموت ، قاله الحسن والسدي . والثاني : أنه مثل لإِعراضهم عن القرآن كراهية له ، قاله مقاتل . واختلفوا في معنى { كلما أضاء لهم مشوا فيه } على أربعة أقوال . أحدها : أن معناه : كلما أتاهم القرآن بما يحبون تابعوه ، قاله ابن عباس والسدي . والثاني : أن إضاءة البرق حصول ما يرجونه من سلامة نفوسهم وأموالهم ، فيسرعون إلى متابعته ، قاله قتادة . والثالث : أنه تكلمهم بالاسلام ، ومشيهم فيه ، اهتداؤهم به ، فاذا تركوا ذلك وقفوا في ضلالة ، قاله مقاتل . والرابع : أن إِضاءته لهم : تركهم بلا ابتلاء ولا امتحان ، ومشيهم فيه : إقامتهم على المسالمة باظهار ما يظهرونه . ذكره شيخنا . فأما قوله تعالى : { وإِذا أظْلَم علَيهِم } فمن قال : إضاءته : إتيانه إياهم بما يحبون ، قال : إظلامه : إتيانه إياهم بما يكرهون . وعلى هذا سائر الأقوال التي ذكرناها بالعكس . ومعنى { قاموا } : وقفوا . قوله تعالى : { ولو شاء الله لَذَهبَ بسَمْعهم وأبْصارهم } قال مقاتل : معناه : لو شاء لأذهب أسماعهم وأبصارهم عقوبة لهم . قال مجاهد : من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين ، وآيتان في نعت الكافرين ، وثلاث عشرة في نعت المنافقين .