Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 248-248)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وقال لهم نبيهم إن آية ملكه } الآية : العلامة ، فمعناه : علامة تمليك الله إياه { أن يأتيكم التابوت } وهذا من مجاز الكلام ، لأن التابوت يؤتى به ، ولا يأتي ، ومثله : { فاذا عزم الأمر } وإنما جاز مثل هذا ، لزوال اللبس فيه ، كما بينا في قوله تعالى : { فما ربحت تجارتهم } [ البقرة : 16 ] . وروي عن ابن مسعود ، وابن عباس : أنهم قالوا لنبيهم : إن كنت صادقاً ، فأتنا بآية تدل على أنه ملك ، فقال لهم ذلك . وقال وهب : خيّرهم ، أي آية يريدون ، فقالوا : أن يردَّ علينا التابوت . قال ابن عباس : كان التابوت من عود الشمشار عليه صفائح الذهب ، وكان يكون مع الأنبياء إذا حضروا قتالاً قدموه بين أيديهم يستنصرون به ، وفيه السكينة . وقال وهب بن منبه : كان نحواً من ثلاث أذرع في ذراعين . قال مقاتل : فلما تفرقت بنو إسرائيل ، وعصوا الأنبياء ، سلط الله عليهم عدوهم ، فغلبوهم عليه ، وفي السكينة سبعة أقوال . أحدها : أنها ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان ، رواه أبو الأحوص عن علي رضي الله عنه . والثاني : أنها دابة بمقدار الهرّ ، لها عينان لها شعاع ، وكانوا إذا التقى الجمعان ، أخرجت يدها ، ونظرت إليهم ، فيهزم الجيش من الرعب . رواه الضحاك عن ابن عباس . وقال مجاهد : السكينة لها رأس كرأس الهرّة ، وجناحان . والثالث : أنها طست من ذهب [ من الجنة ] تغسل فيه قلوب الأنبياء . رواه أبو مالك عن ابن عباس . والرابع : أنها روح من الله تتكلم ، كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمتهم وأخبرتهم ببيان ما يريدون ، رواه عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه . والخامس : أن السكينة ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها ، رواه ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح ، وذهب إلى نحوه الزجاج ، فقال : السكينة : من السكون ، فمعناه : فيه ما تسكنون إليه إذا أتاكم . والسادس : أن السكنية معناها هاهنا : الوقار ، رواه معمر عن قتادة . والسابع أن السكينة : الرحمة . قاله الربيع بن أنس . وفي البقية تسعة أقوال . أحدها أنها رضاض الألواح التي تكسرت حين ألقاها موسى وعصاه ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي . والثاني : أنها رضاض الألواح . قاله عكرمة ، ولم يذكر العصا . وقيل : إنما اتخذ موسى التابوت ليجمع رضاض الألواح فيه . والثالث : أنها عصا موسى ، والسكينة ، قاله وهب . والرابع : عصا موسى ، وعصا هارون ، وثيابهما ، ولوحان من التوراة ، والمنُّ ، قاله أبو صالح . والخامس : أن البقية ، العلم والتوراة ، قاله مجاهد ، وعطاء بن أبي رباح . والسادس : أنها رضاض الألواح ، وقفيز من مَنٍّ في طست من ذهب ، وعصا موسى وعمامته ، قاله مقاتل . والسابع : أنه قفيز من مَنٍّ ورضاض الألواح ، حكاه سفيان الثوري عن بعض العلماء . والثامن : أنها عصا موسى والنعلان . ذكره الثوري أيضاً عن بعض أهل العلم . والتاسع : أن المراد بالبقية : الجهاد في سبيل الله ، وبذلك أمروا ، قاله الضحاك . والمراد بآل موسى ، و آل هارون : موسى ، وهارون . وأنشد أبو عبيدة : @ ولا تبك ميتاً بعد ميت أحبة عليّ وعباس وآل أبي بكر @@ يريد : أبا بكر نفسه . قوله تعالى : { تحمله الملائكة } قرأ الجمهور : « تحمله » بالتاء ، وقرأ الحسن ، ومجاهد ، والأعمش بالياء . وفي المكان الذي حملته منه الملائكة إليهم قولان . أحدهما : أنه كان مرفوعاً مع الملائكة بين السماء والأرض ، منذ خرج عن بني إسرائيل ، قاله الحسن . والثاني : أنه كان في الأرض . وفي أي مكان كان ؟ فيه قولان . أحدهما : أنه كان في أيدي العمالقة قد دفنوه ، قال ابن عباس : أخذ التابوت قوم جالوت ، فدفنوه في متبرز لهم ، فأخذهم الباسور فهلكوا ، ثم أخذه أهل مدينة أخرى ، فأخذهم بلاء ، فهلكوا ، ثم أخذه غيرهم كذلك ، حتى هلكت خمس مدائن ، فأخرجوه على بقرتين ، ووجهوهما إلى بني إسرائيل ، فساقتهما الملائكة . والثاني : أنه كان في برية التيه ، خلّفه فيها يوشع ، ولم يعلموا بمكانه حتى جاءت به الملائكة ، قاله قتادة . وفي كيفية مجيء الملائكة به قولان . أحدهما : أنها جاءت به بأنفسها ، قال وهب : قالوا لنبيهم : اجعل لنا وقتاً يأتينا فيه ، فقال : الصبح ، فلم يناموا ليلتهم ، ووافت به الملائكة مع الفجر ، فسمعوا حفيف الملائكة تحمله بين السماء والأرض . والثاني : أن الملائكة جاءت به على عجلة وثورين ، ذكر عن وهب أيضاً . فعلى القول الأول : يكون معنى تحمله : تقله . وعلى الثاني : يكون معنى حملها إياه : تسببها في حمله ، قال الزجاج : ويجوز في اللغة أن يقال : حملت الشيء إذا كنت سبباً في حمله . قوله تعالى : { إِن في ذلك لآية لكم } أي : علامة تدل على تمليك طالوت . قال المفسرون : فلما جاءهم التابوت وأقروا له بالملك ، تأهب للخروج ، فأسرعوا في طاعته ، وخرجوا معه ، فذلك قوله تعالى .