Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 255-255)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الله لا إِله إِلا هو الحي القيوم } روى مسلم في « صحيحه » " عن أبيّ بِن كعب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : « يا أبا المنذر ! أتدري أي آية من كتاب الله أعظم » قال : قلت : { الله لا إِله إِلا هو الحي القيوم } . قال : فضرب صدري ، وقال « ليهنك العلم يا أبا المنذر » " قال : أبو عبيدة : القيوم : الذي لا يزول ، لاستقامة وصفه بالوجود ، حتى لا يجوز عليه التغيير بوجه من الوجوه . وقال الزجاج : القيوم : القائم : بتدبير أمر الخلق . وقال الخطابي : القيوم : هو القائم الدائم بلا زوال ، وزنه : « فيعول » من القيام ، وهو نعت للمبالغة للقيام على الشيء ، ويقال : هو القائم على كل شيء بالرعاية ، يقال : قمت بالشيء : إذا وليته بالرعاية والمصلحة . وفي « القيوم » ثلاث لغات القيّوم ، وبه قرأ الجمهور ، والقيّام ، وبه قرأ عمر بن الخطاب ، وابن مسعود ، وابن أبي عبلة ، والأعمش ، والقيم ، وبه قرأ أبو رزين ، وعلقمة . وذكر ابن الأنباري أنه كذلك في مصحف ابن مسعود ، قال : وأصل القيوم : القيووم : فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن ، جعلتا ياء مشددة . وأصل القيام : القوام ، قال الفراء : وأهل الحجاز يصرفون الفعال [ إلى ] الفيعال ، فيقولون للصواغ : صياغ . فأما « السِنَة » فهي : النعاس من غير نوم ، ومنه : الوسنان . قال ابن الرقاع : @ وكأنها بين النساء أعارها عينيه أحور من جآذر جاسم وسنان أقصده النعاس فرنَّقت في عينه سنة وليس بنائم @@ قوله تعالى : { له ما في السموات وما في الأرض } قال بعض العلماء : إنما لم يقل : والأرضين ، لأنه قد سبق ذكر الجمع في السموات ، فاستغنى بذلك عن إعادته ، ومثله { وجعل الظلمات والنور } ولم يقل : الأنوار . قوله تعالى : { من ذا الذي يشفع عنده إِلا بإذنه } فيه رد على من قال : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إِلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] . قوله تعالى : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } ظاهر الكلام يقتضي الإشارة إلى جميع الخلق ، وقال مقاتل : المراد بهم الملائكة . وفي المراد { بما بين أيديهم وما خلفهم } ثلاثة أقوال . أحدهما : أن الذي بين أيديهم أمر الآخرة ، والذي خلفهم أمر الدنيا ، روي عن ابن عباس ، وقتادة . والثاني : أن الذي بين أيديهم الدنيا ، والذي خلفهم الآخرة ، قاله السدي عن أشياخه ، ومجاهد ، وابن جريج ، والحكم بن عتيبة . والثالث : ما بين أيديهم : ما قبل خلقهم ، وما خلفهم : ما بعد خلقهم ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { ولا يحيطون بشيء } قال الليث : يقال لكل من أحرز شيئاً ، أو بلغ علمه أقصاه : قد أحاط به . والمراد بالعلم هاهنا المعلوم { وسع كرسيه } أي : احتمل وأطاق . وفي المراد بالكرسي ثلاثة أقوال . أحدها : أنه كرسي فوق السماء السابعة دون العرش ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما السموات السبع في الكرسي إِلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة " وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء . والثاني : أن المراد بالكرسي علم الله تعالى . رواه ابن جبير عن ابن عباس . والثالث : أن الكرسي هو العرش ، قاله الحسن . قوله تعالى : { ولا يؤوده } أي : لا يثقله ، يقال : آده الشيء يؤوده أوداً وإِياداً . والأود : الثقل ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، والجماعة . والعلي : العالي القاهر ، « فعيل » بمعنى « فاعل » . وقال الخطابي : وقد يكون من العلو الذي هو مصدر : علا يعلو ، فهو عال ، كقوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } [ طه : 5 ] . ويكون ذلك من علاء المجد والشرف ، يقال منه : علي يعلى علاءً ، ومعنى العظيم : ذو العظمة والجلال ، والعظم في حقه تعالى ، منصرف إلى عظم الشأن ، وجلال القدر ، دون العظم الذي هو من نعوت الأجسام .