Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 259-259)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أو كالذي مر على قرية } قال الزجاج : هذا معطوف على معنى الكلام الذي قبله ، معناه : أرأيت كالذي حاج إبراهيم ، أو كالذي مر على قرية ؟ . وفي المراد بالقرية قولان . أحدهما : أنها ببيت المقدس لما خربه بختنصر ، قاله وهب ، وقتادة ، والربيع بن أنس . والثاني : أنها التي خرج منها الألوف حذر الموت ، قاله ابن زيد : وفي الذي مر عليها ثلاثة أقوال . أحدها : أنه عزير ، قاله علي بن أبي طالب ، وأبو العالية ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وناجية بن كعب ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، ومقاتل . والثاني : أنه أرمياء ، قاله وهب ، ومجاهد ، وعبد الله بن عبيد بن عمير . والثالث : أنه رجل كافر شك في البعث ، نقل عن مجاهد أيضاً . والخاوية : الخالية ، قاله الزجاج . وقال ابن قتيبة : الخاوية : الخراب ، والعروش : السقوف ، وأصل ذلك أن تسقط السقوف ، ثم تسقط الحيطان عليها { قال أنى يحيي هذه الله } أي : كيف يحييها . فإن قلنا : إن هذا الرجل نبي ، فهو كلام من يؤثر أن يرى كيفية الإعادة ، أو يستهولها ، فيعظم قدرة الله ، وإن قلنا : إنه كان رجلاً كافراً ، فهو كلام شاك ، والأول أصح . قوله تعالى : { فأماته الله مائة عام ، ثم بعثه } . الاشارة الى قصته روى ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه قال : خرج عزير نبي الله من مدينته ، وهو رجل شاب ، فمر على قرية ، وهي خاوية على عروشها ، فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ، فأماته الله مائة عام ، ثم بعثه ، وأول ما خلق الله منه عيناه ، فجعل ينظر إلى عظامه ينظم بعضها إلى بعض ، ثم كسيت لحماً ، ونفخ فيها الروح . قال الحسن : قبضه الله أول النهار ، وبعثه آخر النهار بعد مائة سنة . قال مقاتل : ونودي من السماء : كم لبثت ؟ قال قتادة : فقال : لبثت يوماً ، ثم نظر فرأى بقية من الشمس ، فقال : أو بعض يوم . فهذا يدل على أنه عزير ، وقال وهب بن منبه : أقام أرميا بأرض مصر فأوحى الله إليه أن الحق بأرض إيلياء ، فركب حماره ، وأخذ معه سلة من عنب وتين ، ومعه سقاء جديد ، فيه ماء ، فلما بدا له شخص بيت المقدس وما حوله من القرى [ والمساجد ] نظر إلى خراب لا يوصف [ فلما رأى هدم بيت المقدس كالجبل العظيم ] قال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ؟ ثم نزل منها منزلاً ، وربط حماره ، [ وعلق سقاءه ] فألقى الله عليه النوم ، ونزع روحه مئة عام ، فلما مر منها سبعون عاماً ، أرسل الله ملكاً إلى ملك من ملوك فارس ، عظيم ، فقال : إن الله يأمرك أن تنفر بقومك ، فتعمر بيت المقدس وإيلياء وأرضها حتى تعود أعمر ما كانت ، [ فقال الملك : أنظرني ثلاثة أيام حتى أتأهب لهذا العمل ، ولما يصلحه من أداة العمل ، فأنظره ثلاثة أيام ] . فانتدب ثلاثمئة قهرمان ، ودفع إلى كل قهرمان ألف عامل ، وما يصلحه من أداة العمل [ فسار إليها قهارمته ومعهم ثلاثمئة ألف عامل ] فلما وقعوا في العمل ، رد الله روح الحياة في عيني أرميا ، وآخر جسده ميت ، فنظر إليها تعمر ، فلما تمت بعد ثلاثين سنة ؛ رد الله إليه الروح ، فنظر إلى طعامه وشرابه لم يتسنّه ونظر إلى حماره واقفاً كهيئته يوم ربطه لم يطعم ولم يشرب ، ونظر إلى الرمة في عنق الحمار لم تتغير جديدة ، وقد أتى على ذلك ريح مائة عام ، وبرد مائة عام ، وحرّ مائة عام ، لم تتغير ولم تنتقص شيئاً ، وقد نحل جسم أرميا من البلى ، فأنبت الله له لحماً جديداً ، ونشز عظامه وهو ينظر ، فقال له الله : انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس ، وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال اعلم : أن الله على كل شيء قدير . وزعم مقاتل أن هذه القصة كانت بعد رفع عيسى عليه السلام . قوله تعالى : { كم لبثت } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم « لبثت » و « لبثتم » في كل القرآن باظهار التاء ، وقرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي بالإدغام لبتَّ ، قال أبو علي الفارسي : من بين « لبثت » ، فلتباين المخرجين ، وذلك أن الظاء والذال والثاء من حيز ، والطاء والتاء والدال من حيز ، فلما تباين المخرجان ، واختلف الحيزان ، لم يدغم . ومن أدغمها أجراها مجرى المثلين ، لاتفاق الحرفين في أنهما من طرف اللسان ، وأصول الثنايا ، واتفاقهما في الهمس ورأى الذي بينهما من الاختلاف يسيراً ، فأجراهما مجرى المثلين . فأما طعامه وشرابه ، فقال وهب : كان معه مكتل فيه عنب وتين ، وقلة فيها ماء . وقال السدي : كان معه تين وعنب ، وشرابه من العصير ، لم يحمض التين والعنب ، ولم يختمر العصير . قوله تعالى : { لم يتسنه } قرأ ابن كثير ونافع : وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر : { يتسنّه } و { اقتده } و { ما أغنى عني ماليه } و { سلطانيه } و { وماهيه } باثبات الهاء في الوصل . وكان حمزة يحذفهن في الوصل ، ووافقه الكسائي في حذف موضعين { يتسنه } و { اقتده } وكلهم يقف على الهاء . ولم يختلفوا في { كتابيه } و { حسابيه } أنها بالهاء وصلاً ووقفاً . فأما معنى : { لم يتسنّه } ، فقال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة في آخرين : لم يتغير . وقال ابن قتيبة : لم يتغير بمر السنين عليه ، واللفظ مأخوذ من السّنه ، يقال : سانهت النخلة : إذا حملت عاماً ، وحالت عاماً . قوله تعالى : { وانظر إِلى حمارك } قال مقاتل : انظر إليه ، وقد ابيضت عظامه ، وتفرقت أوصاله ، فأعاده الله . قوله تعالى : { ولنجعلك آية للناس } اللام صلة لفعل مضمر تقديره : فعلنا بك ذلك لنريك قدرتنا ، ولنجعلك آية للناس ، أي : علَماً على قدرتنا ، فأضمر الفعل لبيان معناه . قال ابن عباس : مات وهو ابن أربعين سنة ، وابنه ابن عشرين سنة ، ثم بعث وهو ابن أربعين ، وابنه ابن عشرين ومائة ، ثم أقبل حتى أتى قومه في بيت المقدس ، فقال لهم : أنا عزير ، فقالوا : حدثنا آباؤنا أن عزيراً مات بأرض بابل ، فقال لهم : أنا هو أرسلني الله إليكم أجدد لكم توراتكم ، وكانت قد ذهبت ، وليس منهم أحد يقرؤها ، فأملاها عليهم . قوله تعالى : { وانظر إِلى العظام } قيل : أراد عظام نفسه ، وقيل : عظام حماره ، وقيل هما جميعاً . قوله تعالى : { كيف ننشزها } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو { ننشرها } بضم النون الأولى ، وكسر الشين وراء مضمومة . ومعناه : نحييها ، يقال : أنشر الله الميت ، فنشرهم . وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : ننشزها ، بضم النون مع الزاي ، وهو من النشز الذي هو الارتفاع . والمعنى : نرفع بعضها إلى بعض للأحياء . وقرأ الأعمش : ننشزها ، بفتح النون ، ورفع الشين مع الزاي وقرأ الحسن ، وأبان عن عاصم : ننشرها ، بفتح النون مع الراء ، كأنه من النشر عن الطي ، فكأن الموت طواها ، والإحياء نشرها . قوله تعالى : { فلما تبين له } أي : بان له إحياء الموتى { قال أعلم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر : « أعلم » مقطوعة الألف ، مضمومة الميم . والمعنى : قد علمت ما كنت أعلمه غيباً مشاهدة . وقرأ حمزة والكسائي بوصل الألف ، وسكون الميم على معنى الأمر ، والابتداء ، على قراءتهما بكسر الهمزة ، وظاهر الكلام أنه أمر من الله له . وقال أبو علي : نزل نفسه منزلة غيره ، فأمرها وخاطبها . وقرأ الجعفي عن أبي بكر ، قال : « أعلم » بكسر اللام على معنى الأمر بإعلام الغير .