Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 273-273)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { للفقراء الذين أُحصروا في سبيل الله } لما حثهم على الصدقات والنفقات ، دلهم على خير من تُصدّق عليه . وقد تقدم تفسير الإحصار عند قوله { فان أُحصرتم } [ البقرة : 11 ] وفي المراد بـ { الذين أحصروا } أربعة أقوال . أحدها : أنهم أهل الصفة حبسوا أنفسهم على طاعة الله ، ولم يكن لهم شيء ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني : أنهم فقراء المهاجرين ، قاله مجاهد . والثالث : أنهم قوم حبسوا أنفسهم على الغزو ، فلا يقدرون على الاكتساب ، قاله قتادة . والرابع : أنهم قوم أصابتهم جراحات مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فصاروا زمنى ، قاله سعيد بن جبير ، واختاره الكسائي ، وقال : أحصروا من المرض ، ولو أراد الحبس ، لقال : حُصروا ، وإنما الإحصار من الخوف ، أو المرض . والحصر : الحبس في غيرهما . وفي سبيل الله قولان . أحدهما : أنه الجهاد ، والثاني : الطاعة . وفي الضرب في الأرض قولان . أحدهما : أنه الجهاد لم يمكنهم لفقرهم ، نقل عن ابن عباس . والثاني : الكسب ، قاله قتادة . وفي الذي منعهم من ذلك ثلاثة أقوال . أحدها : الفقر ، قاله ابن عباس . والثاني : أمراضهم ، قاله ابن جبير ، وابن زيد . والثالث : التزامهم بالجهاد ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { يحسبهم الجاهل } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، والكسائي « يحسبهم » و « يَحْسِبَنَّ » بكسر السين في جميع القرآن . وقرأ ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، وأبو جعفر بفتح السين في الكل . قال أبو علي : فتح السين أقيس ، لأن الماضي إذا كان على « فَعِلَ » ، نحو : حسب ، كان المضارع على « يفعل » ، مثل : فرق يفرق ، وشرب يشرب ، والكسر حسن لموضع السمع . قال ابن قتيبة : لم يرد الجهل الذي هو ضد العقل ، إنما أراد الجهل الذي هو ضد الخُبْر ، فكأنه قال : يحسبهم من لا يخبرُ أمرهم . والتعفف : ترك السؤال ، يقال : عف عن الشيء وتعفّف . والسيما : العلامة التي يعرف بها الشيء ، وأصله من السمة . وفي المراد بسيماهم ثلاثة أقوال . أحدها : تجملهم ، قاله ابن عباس . والثاني : خشوعهم ، قاله مجاهد . والثالث : أثر الفقر عليهم ، قاله السدي والربيع بن أنس ، وهذا يدل على أن للسيما حكماً يتعلق بها . قال إمامنا أحمد في الميت يوجد في دار الحرب ، ولا يعرف أمره : ينظر إلى سيماه ، فإن كان عليه سِيما الكفار من عدم الختان ، حكم له بحكمهم ، فلم يدفن في مقابر المسلمين ، ولم يصل عليه ، وإن كان عليه سيما المسلمين حكم له بحكمهم . وأما الإلحاف ، فهو : الإلحاح ، قال ابن قتيبة : يقال : ألحف في المسأله : إذا ألح ، وقال الزجاج : معنى ألحف : شَمِل بالمسألة ، ومنه اشتقاق اللحاف ، لأنه يشمل الإنسان بالتغطية ، فإن قيل : فهل كانوا يسألون غير ملحفين ؟ فالجواب : أن لا ، وإنما معنى الكلام : أنه لم يكن منهم سؤال ، فيكون إلحاف . قال الأعشى : @ لا يغمز الساق من أينٍ ولا وَصَبٍ ولا يعضُّ على شرسوفِهِ الصّفر @@ معناه : ليس بساقه أين ولا وصب ، فيغمزها لذلك . قال الفراء : ومثله أن تقول : قلما رأيت مثل هذا الرجل ، ولعلك لم تر قليلاً ولا كثيراً من أشباهه ، فهم لا يسألون الناس إلحافاً ، ولا غير إلحاف . وإلى نحو هذا ذهب الزجاج ، وابن الأنباري في آخرين .