Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 284-284)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وإِن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } أما إبداء ما في النفس ، فانه العمل بما أضمره العبد ، أو النطق ، وهذا مما يحاسب عليه العبد ، ويؤاخذ به ، وأما ما يخفيه في نفسه ، فاختلف العلماء في المراد بالمخفي في هذه الآية على قولين . أحدهما : أنه عام في جميع المخفيات ، وهو قول الأكثرين . واختلفوا : هل هذا الحكم ثابت في المؤاخذة ، أم منسوخ ؟ على قولين . أحدهما : أنه منسوخ بقوله تعالى : { لا يكلف الله نفساً إِلا وسعها } [ البقرة : 286 ] هذا قول ابن مسعود ، وأبي هريرة ، وابن عباس في رواية ، والحسن ، والشعبي ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، وابن زيد ، ومقاتل . والثاني : أنه ثابت في المؤاخذة على العموم ، فيؤاخذ به من يشاء ، ويغفره لمن يشاء ، وهذا مروي عن ابن عمر ، والحسن ، واختاره أبو سليمان الدمشقي ، والقاضي أبو يعلى . وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال : هذه الآية لم تنسخ ، ولكن الله عز وجل إذا جمع الخلائق ، يقول لهم : إني مخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم يطَّلع عليه ملائكتي ، فأما المؤمنون فيخبرهم ، ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم ، وهو قوله تعالى : { يحاسبكم به الله } يقول : يخبركم به الله ، وأما أهل الشرك والريب ، فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب ، وهو قوله تعالى : { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } والأكثرون على تسكين راء « فيغفر » وباء « يعذب » منهم ابن كثير ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي . وإنما جزموا لإتباع هذا ما قبله ، وهو « يحاسبْكم » وقرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وعاصم ويعقوب : برفع الراء ، والباء فيهما . فهؤلاء قطعوا الكلام عن الأول ، قال ابن الأنباري : وقد ذهب قوم إلى أن المحاسبة هاهنا هي إطلاع الله العبد يوم القيامة على ما كان حدث به نفسه في الدنيا ، ليعلم أنه لم يعزب عنه شيء . قال : والذي نختاره أن تكون الآية محكمة ، لأن النسخ إنما يدخل على الأمر والنهي . وقد روي عن عائشة أنها قالت : أما ما أعلنت ، فالله يحاسبك به ، وأما ما أخفيت ، فما عُجلت لك به العقوبة في الدنيا . والقول الثاني : أنه أمر خاص في نوع من المخفيات ، ولأرباب هذا القول فيه قولان . أحدهما : أنه كتمان الشهادة ، قاله ابن عباس في رواية ، وعكرمة ، والشعبي . والثاني : أنه الشك واليقين ، قاله مجاهد . فعلى هذا المذكور تكون الآية محكمة .