Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-10)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهي مكية باجماعهم من غير خلاف نعلمه . قوله عز وجل : { اقترب } افتعل ، من القُرْب ، يقال : قَرُبَ الشيء واقترب . وهذه الآية نزلت في كفار مكة . وقال الزجاج : اقترب للناس وقت حسابهم . وقيل : اللام في قوله : { للناس } بمعنى : « مِنْ » . والمراد بالحساب : محاسبة الله لهم على أعمالهم . وفي معنى قُرْبِهِ قولان . أحدهما : أنه آتٍ ، وكلُّ آتٍ قريبٌ . والثاني : لأن الزمان لِكثرة ما مضى وقِلَّة ما بقي قريبٌ . قوله تعالى : { وهُمْ في غفلة } أي : عمَّا يفعل الله بهم ذلك اليوم { معرضون } عن التأهُّب له . وقيل : « اقترب للناس » عامٌّ ، والغفلة والإِعراض خاص في الكفار ، بدلالة قوله تعالى : { ما يأتيهم من ذِكْرٍ من ربهم مُحْدَثٍ } ، وفي هذا الذِّكْر ثلاثة أقوال . أحدها : أنه القرآن ، قاله ابن عباس ؛ فعلى هذا تكون الإِشارة بقوله : « مُحْدَثٍ » إِلى إِنزاله له ، لأنه أُنْزِل شيئاً بعد شيء . والثاني : أنه ذِكْر من الأذكار ، وليس بالقرآن ، حكاه أبو سليمان الدمشقي . وقال النقاش : هو ذِكْر من رسول الله ، وليس بالقرآن . والثالث : أنه رسول الله ، بدليل قوله في سياق الآية : { هل هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكم } ، قاله الحسن ابن الفضل . قوله تعالى : { إِلا استَمَعُوه وهم يلعبون } قال ابن عباس : يستمعون القرآن مستهزئين . قوله تعالى : { لاهيةً قلوبُهم } أي : غافلةً عما يُراد بهم . قال الزجاج : المعنى : إِلا استمعوه لاعبين لاهيةً قلوبهم ؛ ويجوز أن يكون منصوباً بقوله : « يلعبون » . وقرأ عكرمة ، وسعيد بن جبير ، وابن أبي عبلة : « لاهيةٌ » بالرفع . قوله تعالى : { وأسرُّوا النَّجوى } أي : تناجَوا فيما بينهم ، يعني المشركين . ثم بيَّن مَنْ هم فقال : { الذين ظَلَمُوا } أي : أَشْرَكوا بالله . و « الذين » في موضع رفع على البدل من الضمير في « وأَسَرُّوا » . ثم بيَّن سِرَّهم الذي تناجَوْا به فقال : { هل هذا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكم } أي : آدميٌّ ، فليس بملك ؛ وهذا إِنكار لنبوَّته . وبعضهم يقول : « أسرُّوا » هاهنا بمعنى : أظهروا ، لأنه من الأضداد . قوله تعالى : { أفتأتون السِّحر } أي : أفتقبلون السِّحر { وأنتم تعلمون } أنه سِحْر ؟ ! يعنون أن متابعة محمد صلى الله عليه وسلم متابعةُ السِّحر . { قُل ربِّي } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم : « قل ربي » . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : « قال ربِّي » ، وكذلك هي في مصاحف الكوفيين ، وهذا على الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يعلم القول ، أي : لا يخفى عليه شيء يقال في السماء والأرض ، فهو عالم بما أسررتم . { بل قالوا } قال الفراء : رَدَّ بـ « بل » على معنى تكذيبهم ، وإِن لم يظهر قبله الكلام بجحودهم ، لأن معناه الإِخبار عن الجاحدين ، وأعلمَ أن المشركين كانوا قد تحيَّروا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاختلفت أقوالهم فيه ، فبعضهم يقول : هذا الذي يأتي به سِحْر ، وبعضهم يقول : أضغاث أحلام ، وهي الأشياء المختلطة تُرى في المنام ؛ وقد شرحناها في [ يوسف : 44 ] ، وبعضهم يقول : افتراه ، أي : اختلقه ، وبعضهم يقول : هو شاعر فليأتنا بآية كالناقة والعصا ، فاقترحوا الآيات التي لا إِمهال بعدها . قوله تعالى : { ما آمنتْ قبلَهم } يعني : مشركي مكة { مِنْ قرية } وصف القرية ، والمراد أهلها ، والمعنى : أن الأمم التي أهلكت بتكذيب الآيات ، لم يؤمنوا بالآيات لمَّا أتتهم ، فكيف يؤمن هؤلاء ؟ ! وهذه إِشارة إِلى أن الآية لا تكون سبباً للإِيمان ، إِلا أن يشاء الله . قوله تعالى : { وما أرسلنا قبلك إِلا رجالاً } هذا جواب قولهم : « هل هذا إِلاّ بَشَر مِثْلُكم » . قوله تعالى : { نُوحي إِليهم } قرأ الأكثرون : « يوحَى » بالياء . وروى حفص عن عاصم : « نُوحي » بالنون . وقد شرحنا هذه الآية في [ النحل : 43 ] . قوله تعالى : { وما جعلناهم } يعني الرسل { جَسَداً } قال الفراء : لم يقل : أجساداً ، لأنه اسم الجنس . قال مجاهد : وما جعلناهم جسداً ليس فيهم روح . قال ابن قتيبة : ما جعلنا الانبياء قبله أجساداً لا تأكل الطعام لا تموت فنجعله كذلك . قال المبرد وثعلب جميعاً : العرب إِذا جاءت بين الكلام بجحدين ، كان الكلام إِخباراً ، فمعنى الآية : إِنما جعلناهم جسداً ليأكلوا الطعام . قال قتادة : المعنى : وما جعلناهم جسداً إِلا ليأكلوا الطعام . قوله تعالى : { ثم صَدَقْناهم الوعدَ } يعني : الأنبياء أنجزنا وعدهم الذي وعدناهم بإنجائهم وإهلاك مكذِّبيهم { فأنجيناهم ومَنْ نشاء } وهم الذين صدَّقوهم { وأهلكنا المُسْرِفين } يعني : أهل الشِّرك ؛ وهذا تخويف لأهل مكة . ثم ذكر منَّته عليهم بالقرآن فقال : { لقد أنزلنا إِليكم كتاباً فيه ذِكْرُكم } ، وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : فيه شرفكم ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : فيه دِينكم ، قاله الحسن ، يعني : فيه ما تحتاجون إِليه من أمر دينكم . والثالث : فيه تذكرة لكم لِمَا تلقَونه من رَجعة أو عذاب ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { أفلا تعقلون } ما فضَّلْتُكم به على غيركم .