Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 81-82)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَخَسَفْنَا به وبداره الأرض } لمَّا أمر قارونُ البَغِيَّ بقذف موسى على ما سبق شرحه [ القصص : 76 ] غضب موسى فدعا عليه ، فأوحى الله تعالى إِليه . إِنِّي قد أمرت الأرض أن تُطيعَك فَمُرْها ؛ فقال موسى : يا أرض خُذيه ، فأخذتْه حتى غيَّبَتْ سريره ، فلمَّا رأى ذلك ناشده بالرَّحم ، فقال : خُذيه ، فأخذته حتى غيَّبتْ قدميه ؛ فما زال يقول : خُذيه ، حتى غيَّبتْه ، فأوحى الله تعالى إِليه : يا موسى ما أفظَّك ، وعِزَّتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته . قال ابن عباس : فخُسفتْ به الأرضُ إِلى الأرض السفلى . وقال سَمُرَة بنُ جنْدَب : إِنَّه يُخسف به كلَّ يوم قامة ، فتبلغ به الأرض السفلى يوم القيامة . وقال مقاتل : فلمَّا هلك قارون قال بنو إِسرائيل : إِنَّما أهلكه موسى ليأخذ ماله وداره ، فخَسَفَ اللّهُ بداره وماله بعده بثلاثة أيام . قوله تعالى : { يَنْصُرونه مِنْ دون الله } أي : يمنعونه من الله { وما كان من المُنْتَصِرِين } أي : من الممتنعين ممَّا نزل به . ثم أعلَمنا أن المتمنِّين مكانه ندموا على ذلك التمنِّي بالآية التي تلي هذه . وقوله تعالى : { لَخُسف بنا } الأكثرون على ضم الخاء وكسر السين . وقرأ يعقوب ، والوليد عن ابن عامر ، وحفص ، وأبان عن عاصم : بفتح الخاء والسين . فأما قوله : { وَيْكَ } فقال ابن عباس : معناه : ألم تر . وكذلك قال أبو عبيده ، والكسائي . وقال الفراء : « وَيْكَ أن » في كلام العرب تقرير ، كقول الرجل : أما ترى إِلى صنع الله وإِحسانه ، أنشدني بعضهم : @ وَيْكَ أَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْـ ـبَبْ ومَنْ يفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ @@ وقال ابن الأنباري : في قوله : { وَيْكَ أنَّه } ثلاثة أوجه . إِن شئت قلت : « وَيْكَ » حرف ، و « أنَّه » حرف ؛ والمعنى : ألم تر أنَّه ، والدليل على هذا قول الشاعر : @ سالَتَاني الطَّلاق أنْ رَأَتَاني قَلَّ مالي قَدْ جِئْتُمَاني بِنُكْرِ وَيْكَ أَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْـ ـبَبْ ومَن يفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْش ضُرِّ @@ والثاني : أن يكون « وَيْكَ » حرفاً ، و « أَنَّه » حرفاً ، والمعنى : ويلك اعلمْ أنَّه ، فحذفت اللام ، كما قالوا : قم لا أباك ، يريدون : لا أبالك ، وأنشدوا : @ أَبِالْمَوْتِ الذي لا بُدَّ أنِّي مُلاقٍ لا أَبَاكِ تُخَوِّفِيني @@ أراد : لا أَبَالَكِ ، فحذف اللام . والثالث : أن يكون « وَيْ » حرفاً ، و « كأنَّه » حرفاً ، فيكون معنى « وَيْ » التعجُّب ، كما تقول وَيْ لِمَ فعلت كذا وكذا ، ويكون معنى « كأنَّه » : أظُنُّه وأعلمُه ، كما تقول في الكلام : كأنَّك بالفَرَج قد أَقْبَل ؛ فمعناه : أظُنُّ الفَرَجُ مقْبِلاً ، وإِنما وصلوا الياء بالكاف في قوله : « وَيْكأنَّه » لأنَّ الكلام بهما كَثُر ، كما جعلوا { يا ابْنَ أُمَّ } في المصحف حرفاً واحداً ، وهما حرفان [ طه : 94 ] . وكان جماعة منهم يعقوب ، يقفون على « وَيْكَ » في الحرفين ، ويبتدؤون « أنّ » و « أنَّه » في الموضعين . وذكر الزجَّاج عن الخليل أنه قال : « وَيْ » مفصولة من « كأنَّ » ، وذلك أنَّ القوم تندَّموا فقالوا : « وَيْ » متندِّمين على ما سلف منهم ، وكلُّ مَنْ نَدِم فأظهر ندامته قال : وَيْ . وحكى ابن قتيبة عن بعض العلماء أنَّه قال : معنى « ويكأنَّ » : رحمةً لك ، بلغة حِمْيَر . قوله تعالى : { لولا أنْ مَنَّ اللّهُ علينا } أي : بالرحمة والمعافاة والإِيمان { لَخَسَف بِنَا } .