Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 85-88)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ الذي فَرَضَ عليكَ القُرآنَ } قال مقاتل : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار ليلاً ، فمضى من وجهه إِلى المدينة فسار في غير الطريق مخافة الطَّلب ؛ فلمَّا أَمِن رجع إِلى الطريق فنزل الجُحْفَةَ بين مكة والمدينة ، فعرف الطريق إِلى مكة ، فاشتاق إِليها ، وذكر مولده ، فأتاه جبريل فقال : أتشتاق إِلى بلدك ومولدك ؟ قال : نعم ؛ قال : فان الله تعالى يقول : { إِنَّ الذي فَرَضَ عليك القرآن لرادُّك إِلى مَعَادٍ } ، فنزلت هذه الآية بالجُحْفة . وفي معنى { فَرَضَ عليكَ } ثلاثة أقوال . أحدها : فرض عليك العمل بالقرآن ، قاله عطاء بن أبي رباح ، وابن قتيبة . والثاني : أعطاك القرآن ، قاله مجاهد . والثالث : أنزل عليك القرآن ، قاله مقاتل ، والفراء ، وأبو عبيدة . وفي قوله : { لرادُّكَ إِلى مَعادٍ } أربعة أقوال . أحدها : إِلى مكة ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد في رواية ، والضحاك . قال ابن قتيبة : مَعَادُ الرَّجُل : بلدُه ، لأنه يتصرَّف [ في البلاد ويَضْرِب في الأرض ] ثم يعود إِلى بلده . والثاني : إِلى معادك من الجنة ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، والزهري . فإن اعتُرض على هذا فقيل : الرَّدُّ يقتضي أنه قد كان فيما رُدَّ إِليه ؛ فعنه ثلاثة أجوبة . أحدها : أنَّه لمَّا كان أبوه آدم في الجنة ثم أُخرج ، كان كأنَّ ولده أُخرج منها ، فاذا دخلها فكأنه أُعيد . والثاني : أنَّه دخلها ليلة المعراج ، فاذا دخلها يوم القيامة كان ردّاً إِليها ، ذكرهما ابن جرير . والثالث : أن العرب تقول : رجع الأمر إِلى كذا ، وإِن لم يكن له كَوْن فيه قطّ ، وأنشدوا : @ [ وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهَابِ وضَوْئِهِ ] يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إِذ هُوَ سَاطِعُ @@ وقد شرحنا هذا في قوله { وإِلى الله تُرْجَعُ الأمور } [ البقرة : 210 ] . والثالث : لَرَادُّك إِلى الموت ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وبه قال أبو سعيد الخدري . والرابع : لَرَادُّك إِلى القيامة بالبعث ، قاله الحسن ، والزهري ، ومجاهد في رواية ، والزجاج . ثم ابتدأ كلاماً يَرُدُّ به على الكفار حين نسبوا النبي صلى الله عليه وسلم إِلى الضَّلال ، فقال : { قُلْ رَبِّي أعلمُ مَنْ جاء بالهُدى } ؛ والمعنى : قد علم أنِّي جئت بالهُدى ، وأنَّكم في ضلال مبين ، ثم ذَكَّرهُ نِعَمَه فقال : { وما كُنْتَ ترجو أن يُلْقَى إِليكَ الكتابُ } أي : أن تكون نبيّاً وأن يوحى إِليكَ القرآنُ { إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ ربِّكَ } قال الفراء : هذا استثناء منقطع ، والمعنى : إِلاَّ أنَّ ربَّكَ رَحِمَكَ فأنزله عليك { فلا تَكُونَنَّ ظَهيراً للكافرين } أي : عَوْناً لهم على دينهم ، وذلك أنَّهم دَعوه إِلى دين آبائه فأُمر بالاحتراز منهم ؛ والخطاب بهذا وأمثاله له ، والمراد أهل دينه لئلاَّ يُظاهِروا الكفَّار ولا يوافقوهم . قوله تعالى : { كُلُّ شيء هالكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } فيه قولان . أحدهما : إِلا ما أُرِيدَ به وجهُه ، رواه عطاء عن ابن عباس ، وبه قال الثوري . والثاني : إِلاَّ هو ، قاله الضحاك ، وأبو عبيدة . قوله تعالى : { لَهُ الحُكْم } أي : الفصل بين الخلائق في الآخرة دون غيره { وإِليه تُرْجَعُونَ } في الآخرة .